171

شرح النووي على صحيح مسلم

الناشر

دار إحياء التراث العربي

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٢

مكان النشر

بيروت

سياقته وترتيبه فَإِنَّهُ سَأَلَ أَوَّلًا عَنْ صَانِعِ الْمَخْلُوقَاتِ مَنْ هُوَ ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِهِ أَنْ يَصْدُقَهُ فِي كَوْنِهِ رَسُولًا لِلصَّانِعِ ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى رِسَالَتِهِ وَعِلْمِهَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِحَقِّ مُرْسِلِهِ وَهَذَا تَرْتِيبٌ يَفْتَقِرُ إِلَى عَقْلٍ رَصِينٍ ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْأَيْمَانَ جَرَتْ لِلتَّأْكِيدِ وَتَقْرِيرِ الْأَمْرِ لَا لِافْتِقَارِهِ إِلَيْهَا كَمَا أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَأْتِ إِلَّا بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَإِنَّمَا جَاءَ مُسْتَثْبِتًا وَمُشَافِهًا لِلنَّبِيِّ ﷺ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جُمَلٌ مِنَ الْعِلْمِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُتَكَرِّرَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا وَأَنَّ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ ﵀ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِصِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ الْعَوَامَّ الْمُقَلِّدِينَ مُؤْمِنُونَ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى مِنْهُمْ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ الْحَقِّ جَزْمًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَتَزَلْزُلٍ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ ﷺ قرر ضماما عَلَى مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي تَعَرُّفِ رِسَالَتِهِ وَصِدْقِهِ وَمُجَرَّدِ إِخْبَارِهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا قَالَ يَجِبُ عَلَيْكَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فِي مُعْجِزَاتِي وَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ هَذَا كَلَامُ الشَّيْخِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1 / 171