156

شرح النووي على صحيح مسلم

الناشر

دار إحياء التراث العربي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٢

مكان النشر

بيروت

فى غير مسلم يتفقون بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَحَذْفِ الرَّاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَيْضًا يَتَتَبَّعُونَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَرَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَالَ فِيهِ يَتَقَعَّرُونَ بِالْعَيْنِ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ قَعْرَهُ أَيْ غَامِضَهُ وَخَفِيَّهُ وَمِنْهُ تَقَعَّرَ فِي كَلَامِهِ إِذَا جَاءَ بِالْغَرِيبِ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ يَتَفَقَّهُونَ بِزِيَادَةِ الْهَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ (وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ) هَذَا الْكَلَامُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ الَّذِينَ دُونَ يحيى بن يعمر والظاهر أنه من بن بُرَيْدَةَ الرَّاوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ يَعْنِي وذكر بن يَعْمَرَ مِنْ حَالِ هَؤُلَاءِ وَوَصْفِهِمْ بِالْفَضِيلَةِ فِي الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ فِي تَحْصِيلِهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ قَوْلُهُ (يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ أَيْ مُسْتَأْنَفٌ لَمْ يَسْبِقْ بِهِ قَدَرٌ وَلَا عِلْمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يَعْلَمُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ كَمَا قَدَّمْنَا حِكَايَتَهُ عَنْ مَذْهَبِهِمُ الْبَاطِلِ وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ غُلَاتِهِمْ وَلَيْسَ قَوْلُ جَمِيعِ الْقَدَرِيَّةِ وَكَذَبَ قَائِلُهُ وَضَلَّ وَافْتَرَى عَافَانَا اللَّهُ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ (قال يعنى بن عُمَرَ ﵄ فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ) هذا الذى قاله بن عُمَرَ ﵄ ظَاهِرٌ فِي تَكْفِيرِهِ الْقَدَرِيَّةَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ﵀ هَذَا فِي الْقَدَرِيَّةِ الْأُوَلِ الَّذِينَ نَفَوْا تَقَدُّمَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَائِنَاتِ قَالَ وَالْقَائِلُ بِهَذَا كَافِرٌ بِلَا خِلَافٍ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْقَدَرَ هُمُ الْفَلَاسِفَةُ فِي الْحَقِيقَةِ قَالَ غَيْرُهُ وَيَجُوزُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَلَامَ التَّكْفِيرَ الْمُخْرِجَ مِنَ الْمِلَّةِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ كُفْرَانِ النِّعَمِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ ظَاهِرٌ فى التكفير فَإِنَّ إِحْبَاطَ الْأَعْمَالِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْكُفْرِ إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْمُسْلِمِ لَا يُقْبَلُ عَمَلُهُ لِمَعْصِيَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ صَحِيحَةٌ غَيْرُ مُحْوِجَةٍ إِلَى الْقَضَاءِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ بَلْ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَلَا ثَوَابَ فِيهَا عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ فَأَنْفَقَهُ يَعْنِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ طَاعَتِهِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قال نفطويه

1 / 156