شرح النووي على صحيح مسلم
الناشر
دار إحياء التراث العربي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٩٢
مكان النشر
بيروت
بِإِسْكَانِ الْمِيمِ كُوفِيٌّ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ فهمدانى كُوفِيٌّ أَيْضًا فَاسْتَوَى الثَّلَاثَةُ فِي كَوْنِهِمْ كُوفِيِّينَ مَتْرُوكِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ ﵀ فِي الاحاديث الضعيفة (ولعلها أو أكثرها أكاذيب لاأصل لَهَا) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ مِنْ رِوَايَةِ الْفُرَاوِيِّ عَنِ الْفَارِسِيِّ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الفارسى عن الجلودى وَأَنَّهَا الصَّوَابُ وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَاتِ شُيُوخِهِمْ عَنِ الْعُذْرِيِّ عَنِ الرَّازِيِّ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَأَقَلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا مُخْتَلٌّ مُصَحَّفٌ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِكَوْنِهِ تَصْحِيفًا فَإِنَّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَجْهًا فِي الْجُمْلَةِ لِمَنْ تَدَبَّرَهَا قَوْلُهُ (وَأَهْلِ الْقَنَاعَةِ) هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَيِ الَّذِينَ يُقْنَعُ بِحَدِيثِهِمْ لِكَمَالِ حِفْظِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ وَعَدَالَتِهِمْ قَوْلُهُ (ولا مقنع) هو بفتح الميم والنون
(فَرْعٌ فِي جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ وَالْقَوَاعِدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ)
إِحْدَاهَا اعْلَمْ أَنَّ جَرْحَ الرُّوَاةِ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ لِصِيَانَةِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ مِنَ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ ﷺ وَالْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَزَلْ فُضَلَاءُ الْأَئِمَّةِ وَأَخْيَارُهُمْ وَأَهْلُ الْوَرَعِ مِنْهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَنَا قِطْعَةً صَالِحَةً مِنْ كَلَامِهِمْ فِيهِ فِي أَوَّلِ شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ﵀ ثُمَّ عَلَى الْجَارِحِ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَالتَّثَبُّتُ فِيهِ وَالْحَذَرُ مِنَ التَّسَاهُلِ بِجَرْحِ سَلِيمٍ مِنَ الْجَرْحِ أَوْ بِنَقْصِ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ نَقْصُهُ فَإِنَّ مَفْسَدَةَ الْجَرْحِ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهَا غِيبَةٌ مُؤَبَّدَةٌ مُبْطِلَةٌ لِأَحَادِيثِهِ مُسْقِطَةٌ لِسُنَّةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَرَادَّةٌ لِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ ثُمَّ إِنَّمَا يَجُوزُ الْجَرْحُ لِعَارِفٍ بِهِ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فِيهِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْجَارِحُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْكَلَامُ فِي أَحَدٍ فَإِنْ تَكَلَّمَ كَانَ كَلَامُهُ غِيبَةً مُحَرَّمَةً كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي
1 / 124