============================================================
يقالك له : لفقد الخطر في الابتداء ؛ إذ هو في حال الابتداء ليس بشيء متراخ عنك، ولشبوت الخطر في الإتمام؛ إذ هو يقع في وقت متراخ ، ففيه الخطران : خطر الوصول ؛ لا تدري هل تصل إلى ذلك أم لا ؟ وخطر الفساد ؛ لا تدري هل في ذلك صلاح أم لا؟
فإذن وجب الاستثناء لخطر الوصول، والتفويض لخطر الفساد، فإذا حصلت الإرادة على هلذه الشروط.. تكون حينئذ نيهآ محمودة، مخرجة عن حد الأمل وآفته، فتأمل جدا، فهذه هذه.
واعلم : أن حصن قصر الأمل ذكو الموت، وحصن حصنه ذكر فجأة الموت وأخذه على غرة وغفلة وهو في غرور وفتور، فاحتفظ بهذه الجملة، وحصلها موفقا ؛ فإن الحاجة إليها ماسة، ودع عنك تضييع الوقت في القيل والقال، وملاحاة الرجال(1) ، والله الموفق بفضله.
وأما الحسد : فهو إرادة زوال نعم الله تعالى عن أخيك المسلم مما له فيه صلاح، فإن لم ترذ زوالها عنه، ولكن تريذ لنفسك مثلها... فهو غبطة، وعلى هلذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا حسد إلأ في اثنتين... 4 الخبر(2) : أي: لا غبطة إلأ في ذلك، فعبر عن الغبطة بالحسد اتساعا في ذلك لمقاربتهما فإن لم يكن له فيها صلاح، فأردت زوالها عنه.. فذلك غيرة، فهذا هو الفرق بين هلذه الخصال : وأما ضد الحسد : فالنصيحة، وهي : إرادة بقاء نعمة الله تعالى على أخيك المسلم معا له فيها صلاخ.
صفحة ١٢٦