============================================================
فاذا خطر بقلب العبد اول كل شيء : أني أجدني منعما بضروب من النعم ، كالحياة والقدرة، والعقل والنطق، وسائر المعاني الشريفة واللذات ، وما ينصرف عني من ضروب المضار والافات ، وأن لهذه النعمة منعما يطالبني بشكره وخدمته ، إن غفلت عن ذلك.. فيزيل عني نعمته، ويذيقني بأسه ونقمته، وقد بعث إلي رسولا نذيرا، ايده بالمعجزات الخارقة للعادات، الخارجة عن مقدور البشر ، وأخبرتي أن لي ربا - جل ذكؤه - قادرا عالما، حيا متكلما، يأمروينهى، قادرا على أن يعاقب إن عصيته، ويثيب إن أطعته، عالما بأسراري وما يختلج في أفكاري، وقد وعد وأوعد، وأمر بالتزام قوانين الشرع.. فيقع(1) في قلبه أنه ممكن - إذ لا استحالة لذلك في العقل - بأول البديهة، فيخاف على نفسه عند ذلك ويفزع فهذا خاطو الفزع الذي ينبه العبد ويلزمه الحكة، ويقطع عنه المعذرة ، ويزعجه إلى النظر والاستدلال ، فيهتاج العبد عند ذلك، ويقلق وينظر في طريق الخلاص وحصول الأمان له مما وقع بقلبه، أو سمع بأذنه، فلم يجذ فيه سبيلا سوى النظر بعقله في الدلاتل ، والاستدلال بالصنعة على الصانع ، ليحصل له العلم اليقين بما هو الغيث، ويعلم أن له ربا كلفه وأمره ونهاه.
فهلذه أول عقبة استقبلثه في طريق العبادة ، وهي عقبة العلم والمعرفة، ليكون من الأمر على بصيرة، فيأخذ في قطعها من غير بد بحسن النظر في الدلائل، ووفور الثائل والتعلم، والشؤال من علماء الآخرة الذين هم أدلأء الطريق ، سرج الأمة، وقادة الأنمة ، والاستفادة منهم، واستمداد الدعاء الصالح منهم، للتوفيق والإعانة إلى أن يقطعها بتوفيق الله سبحانه وتعالى، فيحصل له العلم واليقين بالغيب ، وهو أن له إلها واحدا لا شريك له ، هو الذي خلقه وأنعم عليه بكل هلذه النعم ، وأنه كلفه بشكره، وأمره بخدمته وطاعته بظاهره وباطنه، وحذره الكفر وضروب المعاصي ، وحكم له بالثواب الخالد إن
صفحة ٣٨