قيل: إن أحمد يحفظ ألف ألف حديث. وهو مع ذلك من صيارفة الحديث وعلماء الرجال الذين يفحصون أسانيد الأحاديث، فيعرفون صحيحها وضعيفها، ويفرقون بين جيدها ورديئها. وقد كان لذلك أثره الواضح في فقه الإمام، ويستطيع القارئ لهذا الكتاب أن يلمس أثره واضحًا في مسائل منها:
١ - روى إبراهيم الحربي قال: قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، كل شيء منك حسن جميل إلا خصلة واحدة، فقال: وما هي؟. قال: تقول بفسخ الحج. فقال أحمد: قد كنت أرى أن لك عقلًا، عندي ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟ (١).
٢ - نقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وقد روى فيه أحمد حديثين أحدهما عن البراء بن عازب والثاني عن جابر بن سمرة. قال أحمد: فيه حديثان صحيحان حديث البراء (٢) وحديث جابر بن سمرة (٣).
٣ - الأخذ بجميع صور الوتر الثابتة عن النبي ﷺ. وقد ذكر في هذا الكتاب ما انفرد به أحمد منها وهي:
أ- الإيتار بخمس سردًا، لا يجلس إلا في آخرها (٤).
ب- الإيتار بسبع سردًا؛ لا يجلس إلا في آخرها (٥).
جـ- الإيتار بتسع ركعات؛ يجلس بعد الثامنة فيتشهد ثم يقوم فيصلي التاسعة فيتشهد التشهد الثاني ويسلم (٦).
٤ - سلب الجاني في حرم المدينة، وقد روى فيه حديث سعد بن أبي وقاص الذي في مسلم (٧).
_________
(١) المغني ٣/ ٤١٦.
(٢) أحمد في الفتح الرباني ٢/ ٩٤، وأبو داود برقم ١٨٤.
(٣) مسلم برقم ٣٦٠.
(٤) مسلم برقم ٧٣٧.
(٥) أبو داود برقم ١٣٥٦.
(٦) مسلم برقم ٧٤٦.
(٧) مسلم برقم ١٣٦٤.
1 / 37