============================================================
المنفرد بالتأثير، وأن غيره ليس منه إلا أسباب تظهر للناس: قيل : ورماهم بالحصى يوم الأحزاب ، وفيه نظر، وإنما الذي نقل : أنه صلى الله عليه وسلم لما بلغت القلوب الحناجر. . دعا عليهم فقال : " أللهم؛ منزل الكتاب، سريع الحساب، آهزم الأخزاب، اللهم؛ أهزمهم وزلزلهم "(1) فأرسل الله عليهم الريح، فرمتهم بالحصى، وسفت عليهم التراب، وقلعت أوتاد خيامهم، فسقطت عليهم، وكفأت قدورهم، وسمعوا في آرجاء معسكرهم التكبير وقعقعة السلاح، فارتحلوا خائبين آيسين، ومن ثم آخبر صلى الله عليه وسلم: آنهم لا يغزونهم بعد اليوم، فكان كذلك.
ولما التقى الجمعان يوم حنين. استقبل المسلمون من هوازن ما لم يروا مثله من السواد والكثرة، فحملوا حملة واحدة، فانهزم المسلمون، ولم يبق معه صلى الله عليه وسلم يومثذ إلا أناس قليلون من أهل بيته : العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وعلي، والفضل، وأصحابه: أبو بكر، وعمر، وآخرون رضي الله تعالى عنهم، قأمر صلى الله عليه وسلم أن ينادى في الناس ليرجعوا، فلما سمعوا نداءه. أقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت على أولادها يقولون : يا لبيك، يا لبيك، فاقتتلوا مع الكفار، واشتد القتال حتى قال صلى الله عليه وسلم : "حمي الوطين" وهو : التنور الذي يخبز فيه؛ أي: اشتد حر الحرب حتى آشبهت التنور، وحينئذ تناول صلى الله عليه وسلم حصيات من الأرض، ثم قال : "شاهت الوجوه " ورمى بها في وجوه المشركين، فما خلق الله منهم إنسانا . . إلا ملأ عينيه من تلك القبضة(1)، وفي رواية لمسلم : (قبضة من تراب)(3)، والجمع: أنه يحتمل أنه رمى بكل مرة، أو أنها قبضة واحدة لكنها مختلطة وفي رواية عند أحمد وغيره : أن المسلمين لما ولوا.. قال صلى الله عليه وسلم : " أنا عبد ألله، أنا عبد الله ورسوله "(4) ثم اقتحم عن فرسه وأخذ كفا من تراب، (1) اخرجه البخاري (4115)، ومسلم (1742) (2) اخرجه مسلم (1775)، وابن حبان (7049)، وأحمد (207/1) بمعناه.
3) مسلم (1777) 4) مسند أحمد (190/3)
صفحة ٢٦٦