183

Minah Makkiyya

تصانيف

============================================================

العاصي قال للزبير: ما اكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فذكر له أن أشرافهم اجتمعوا في الحجر، فذكروا ما يفعله بهم من سبهم وسب آلهتهم، فطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستلم الركن وطاف، فلما مر بهم صلى الله عليه وسلم.. انتقصوه، فساءه ذلك ثم مر بهم فأساؤوه، ثم مر بهم فأساؤوه، فوقف صلى الله عليه وسلم ثم قال : " أتشمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالدبح" فأخذتهم كلمته وارتعدت منها فرائصهم(1) ، فألانوا له القول وقالوا : انصرف يا أبا القاسم؛ فوالله ما كنت جهولا، فاجتمعوا له في الغد في الحجر، وفعلوا معه ما ذكر، ثم وثبوا إليه وثبة رجل واحد يؤنبونه لسب الهتهم فأخذ بعضهم بمجمع ردائه صلى الله عليه وسلم، فقام إليه آبو بكر وحال بينهم وبينه كما مر (2).

تبيه: قرينة سياق النظم مصرحة بأن القذى في العين مستعار لما حصل لهم في عيون بصائرهم من إذلاله صلى الله عليه وسلم لهم بما مر آنفا، وأما قول بعضهم: (يحتمل أنه يريد بالقذى ما على أعينهم من الغشاوة المانعة من النظر في أمره، الحاجبة لهم عن اتباعه، أو يريد ما على قلوبهم من الران والصدأ الحاجب عن الايمان، فيكون عبر بل المقلة) عن عين البصيرة (وبا الأقذاء)] عما يعلوها من الران والصدأ) اه.. فهو غفلة عن سياق المتن وعدم تأمل له بالكلية؛ لأنه إنما حكم بأنه صلى الله عليه وسلم أسكن القذى لكل مقلة منهم، وحينثذ فلا يصح تفسير القذى بشيء مما ذكره، وإنما يصح تفسيره بما ذكرته. فتأمله.

(1) الفرائص: جمع فريصة، وهي: لحمة بين جنب الدابة وكتفها لا تزال ترعد، والمراد هنا: عصب الرقية وعروقها؛ لأنها هي التي تثور عند العضب والخوف (2) أخرجه ابن حبان (6567)، وأحمد (218/2)، واين مشام في * السيرة *(289/1)، والطبري في " تاريخه"(2/ 332)، والبيهقي في " الدلائل"(274/2)، وليس عند واحد منهم أن الساثل عمرو بن العاصي للزبير، بل إن عروة بن الزبير سأل عبد الله بن عمرو بن العاصي فليتنبه

صفحة ١٨٣