============================================================
واختار ابن مالك في " شرح التسهيل" إبقاء الضم في العلم ، والنصب في النكرة المعينة ، لأن شبهها بالمضمر أضعف وبعض المتأخرين عكسه، وهو اختيار النصب في العلم؛ لعدم الالباس فيه، والضم في النكرة المعينة ؛ لئلا تلتبس بالنكرة غير المقصودة ؛ إذ لا فارق حينئذ إلا الحركة؛ لاستوائهما في التنوين (1).
إذا تقرر ذلك وقلنا بأن النكرة المنونة هنا مبنية على الضم على أحد شقي كلام الكسائي، أو على ما ذكرته ، أنه إذا أريد بالنكرة الموصوفة مقصود.. بنيت على الضم.. فالأولى هنا على الأول والرابع : الضم ، وعلى الثاني والثالث : النصب(2)، والذي أقوله : إن الضم متعين هنا على الكل؛ لأنه الظاهر خلافا لما يوهمه الرآي الرابع : أن محل الخلاف حيث لا إلباس يتولد منه محذور، وهنا النصب يترتب عليه محذور: لايهامه أن السماء الأولى نكرة غير مقصودة، وحينيذ يفسد المعنى؛ لأن النكرة غير المقصودة لا يصح نفي مطاولة نكرة غير مقصودة لها أيضا، بخلاف ما إذا كانت الأولى نكرة مقصودة كما هو المراد هنا ؛ إذ هي اسم جنس يشمل سائر الأجرام العلوية؛ فإن هذه بهذا المعنى هي التي لا تطاولها سماء؛ أي : مرتفع غيرها؛ لأنه لم يوجد في هلذا الوجود أرفع منها، فتأمل ذلك حق التأمل واحفظه، فإنه مما يتعين استفادته، لا سيما مع النظر لما قاله الشارح مما لم يعثر فيه على شيء مما ذكرته (ما): نافية (طاولتها) أي: غالبتها في الطول والارتفاع (سماء)، وهذذا الشطر الثاني كالدليل للشطر الأول؛ إذ التقدير : لم يرتق أحد منهم ارتقاءك ؛ لأنه لم يستطع مطاولتك في ارتقائك الحسي ولا المعنوي، وإن كانت درجاتهم كلها ومراتبهم (1) الذي ذهب إلى هذا الإمام السيوطي رحمه الله تعالى، وقال بعد تصريحه باختياره لذلك: (ولم أقف على هلذا الرأي لأحد) اه0 همع الهوامع في شرح جمع الجوامع " (41/2).
(2) القول الأول : هو قول سيبويه ومن معه، وهو أن الضم أولى ، والرابع : هو قول السيوطي الذي اشار إليه الشارح بقوله : (وبعض المتأخرين عكسه) وهو : اختيار النصب في العلم ، والضم في النكرة المعينة، أما الثاني فهو قول المبرد ومن معه ، وهو أن النصب أولى، والثالث : قول ابن مالك ، وهو : اختيار الضم في العلم، والنصب في النكرة المعينة
صفحة ١٨