لانهما قتلا في سبيله ، وحتى ان زوجها عبدالله والدهما كان يقول بعد ان بلغته اخبار تلك المجزرة وما جرى لولديه : لقد هون علي مصابهما انهما قتلا مع اخي وابن عمي مواسين له صابرين معه واذا لم اكن قد واسيته بيدي فلقد واسيته بولدي. ودخل عليه احد غلمانه يبكيهما ويقول : ماذا لقينا من الحسين بن علي ، فغضب عبدالله وحذفه بنعله وقال له : يا ابن اللخناء اللحسين تقول هذا ، والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل دونه وأفديه بنفسي.
والسؤال الذي قد يعترض هو انه لماذا لم يخرج مع الحسين كما خرجت معه زوجته وأكثر الطالبيين ومن هو أولى من عبدالله بذلك ، وقد اعتذر عنه جماعة بأعذار لا تعدو ان تكون من نوع الحدس والتخمين ، والذي اراه ان عبدالله بن جعفر لم يتخلف عن الحسين عليه السلام الا برأيه وقد أمره بالبقاء في المدينة لاسباب تفرضها المصلحة كما أمر اخاه محمد بن الحنفية بذلك ، ولم يحدث التاريخ عن عبدالله بأنه كان يعصي للحسن والحسين امرا او يخالفهما في شيء ، وقد ذكرنا ان معاوية حينما خطب ابنته لولده يزيد ترك امرها الى الحسين بالرغم من العروض السخية التي عرضها عليه معاوية ، كما ترك امر زوجته زينب من حيث خروجها معه اليه واليها وهو الذي أمر ولديه بالخروج معه وكان مغتبطا باستشهادهما معه ومواساتهما له ، وان سيرته ومواقفه بعد الحسين عليه السلام لأصدق شاهد على ايمانه واخلاصه في ولائه لعمه وأبناء عمه ولدينه وعقيدته.
صفحة ١٠٤