من أصول الفقه على منهج أهل الحديث
الناشر
دار الخراز
رقم الإصدار
الطبعة الاولى ١٤٢٣هـ
سنة النشر
٢٠٠٢م
تصانيف
الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] .
فظهر مما سقناه من الأمثلة أن الفعل إذا لم يظهر فيه قصد القربة لا يدل على الندب كما لا يدل على الوجوب، وإنما يدل على رفع الحرج، وهو ما اختاره الآمدي.
وأما قول الشوكاني: إن القول بإفادته الندب هو الحق، وتعلله ذلك بأن قوله ﷺ وإن لم يظهر فيه قصد القربة، فهو لا بد أن يكون قربة، فهو مجرد دعوى لم يقم عليها دليل، بل عمل الصحابة يدل على بطلانها، ولم يأخذ بفعل الرسول في كل شيء حتى في العاديات المحضة سوى عبد الله بن عمر، كان يتحرى المكان الذي كان النبي ﷺ يقضي فيه حاجته ليقضي هو فيه حاجته، ولم يوافقه جمهور الصحابة، بل كانوا يفرقون بين الفعل العادي وبين العبادة، وممن خالفه في ذلك أبوه عمر بن الخطاب، حتى لا يلتبس على الناس أمر العادات بالعبادات.
وأما قول الشوكاني: [لا يجوز القول بأنه يفيد الإباحة، فإن إباحة الشيء بمعنى استواء طرفيه موجودة قبل الشرع، فالقول به إهمال للفعل الصادر منه ﷺ فهو تفريط كما أن حمل الفعل المجرد على الوجوب إفراط] فيرده أن الأصوليين عدا المعتزلة اتفقوا على أن الإباحة حكم شرعي، فهي لم تثبت إلا بالشرع، فالقول بأن الفعل يدل على الإباحة ليس إهمالًا لفعل النبي ﷺ، ولو سلم أنها موجودة قبل الشرع، فالفعل جاء مقررًا له فكيف يكون مهملًا؟ وماذا يقول الشوكاني في أدلة
1 / 80