وبسماعه اليزيدي فقال:
كنا نقيس النحو فيما مضى ... على لسان العرب الأول
فجاءنا قوم يقيسونه ... على لغى أشياخ قطر بل
فكلهم يعمل في نقض ما ... به يصاب الحق لا يأتلي
إن الكسائي وأشياعه ... يرقون بالنحو إلى أسفل١
وغلب هذا الانحراف على الكوفيين حتى قال الأندلسي شارح المفصل: "الكوفيون لو سمعوا بيتا واحدا فيه جواز شيء مخالف للأصول، جعلوه أصلا وبوبوا عليه"٢.
أما قياسهم نفسه ومقدار جودته، فقد مر بك في المناظرات نمط منه، وعرفت وهيه حين يعللون بالتوهم مرة في رسم ﴿وَالضُّحَى﴾، وبتسليط فعل مقدر على أحد المتعاطفين دون الثاني في قضية "فإذا هو إياها".
اتجه بعض الباحثين المحدثين إلى عد المذهب الكوفي مذهب سماع، على حين عدوا المذهب البصري مذهب قياس، فذهب الأستاذ أحمد أمين إلى أنهم "يحترمون كل ما جاء عن العرب، ويجيزون للناس أن يستعملوا استعمالهم"٣، وبالغ المرحوم طه الراوي فقال: "أما مذهب الكوفيين فلواؤه بيد السماع، لا يخفر له ذمة ولا ينقض له عهدا، ويهون على الكوفي نقض أصل من أصوله أو نسف قاعدة من قواعده ولا يهون عليه
_________
١ أخبار النحويين البصريين ص٤٤، وبغية الوعاة ص٣٣٦، وإرشاد الأريب ٢٠/ ٣١.
٢ الاقتراح ١٠٠.
٣ ضحى الإسلام ٢/ ٢٩٥.
1 / 72