من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
تصانيف
32
أما أثر ثامسطيوس على الشروح العربية واللاتينية، فهي مشكلة أخرى وهي التراث الغربي، وليس مشكلة التراث القديم، إلا بالمقارنة بين وضع ثامسطيوس عند الشراح المسلمين، وعند الشراح العبرانيين واللاتينيين. (3) البدايات والنهايات الدينية
بالرغم من أن البسملات والحمدلات عادات خارجية صرفة من المترجمين والنساخ بل والقراء، إلا أنها تدلي على البيئة الدينية التي يعيش فيها النص؛ فالعمل الحضاري يتم باسم الله، وإذا تم فالحمد لله. والفكر الجديد ليس طلبا لغزو أو سيطرة؛ فالعزة لله. والله هو الواحد الحق الوهاب. والصلاة على الأنبياء والملائكة، والرحمة على الناسخ أو المترجم أو المعلق. وبعد البسملة الدعوة إلى مزيد من العلم، ففوق كل ذي علم عليم. والمترجمون والنساخ والمعلقون والشراح كلهم مشايخ، وليس فقط رجال الدين؛ فالشيخ هو العالم، لقب يدل على احترام العلماء. وذكر التاريخ الهجري لعام الترجمة أو النسخ، يدل على الوعي الحضاري التاريخي الجديد. وبتحليل مضمون هذه الشعارات الدينية يمكن الكشف عن البواعث الحضارية العامة الجديدة، التي كانت وراء الترجمة والتعليق والشرح؛ مثل الرغبة في المعرفة، والازدياد في العلم، واحترام القدماء، والدعوة بطول الأجل من أجل التعلم والشرح والتلخيص.
33
وقد يتم تخصيص الحمد لله لواهب العقل، فيتم تكييف الجو الديني طبقا للموضوع، كما نقول نحن في عصرنا باسم الشعب، باسم الأمة، باسم الحرية.
34
هذه الافتتاحيات الدينية تدل على الجو الثقافي الديني الجديد العام الذي يتم فيه تبادل النصوص؛ فالنص للاستعمال وليس مجرد نص لا بيئة له. وتوجد هذه الافتتاحيات الإيمانية سواء كان الموضوع إلهيا مثل ما بعد الطبيعة أو النفس أو طبيعيا ومنطقيا،
35
بل إن الأخطاء اللاإرادية اللاواعية تدل على اللاوعي في الحضارة الجديدة مثل كتابة «آلي» على أنه «إلهي»، إذا ما تغيرت اللازمة الدينية تم تصحيحها حتى تتفق مع الإيقاع اللفظي وموسيقى اللغة.
36
صفحة غير معروفة