من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
تصانيف
وكأنني حينا بنور آياته
يعلو ويسمو في الدهور مؤبدا.
19
وذلك يثبت أن المترجم مسلم «لأسلمته» للنص.
ويضيف الناشر في نهاية الترجمة ملحقا «نصوص أوروسيوس الواردة عند ابن خلدون والتعليق عليها»، بنفس الروح، إثبات أن النقل عند المسلمين خيانة للأصل، سواء كان النص اللاتيني عند مترجمة العربي أو النص المترجم عند مستعمله المؤرخ العربي ابن خلدون، وكأن الأصل اللاتيني هو الأصل والترجمة العربية الفرع، وابن خلدون ينقل عن فرع الأصل؛ ومن ثم فالمقدمة فرع الفرع؛ فالمؤرخ العربي ليس موضوعيا بمقاييس القرن التاسع عشر، المطابقة. وليس أصيلا لأنه استقى مادته من مصادر سابقة لم يعلن عنها؛ لأن ابن خلدون لم يذكر شيئا عن الترجمة في الفصل الذي عقده للحكم الثاني المستنصر بالله. ولماذا ابن خلدون وحده وليس استعمال تاريخ أورسيوس عند المؤرخين العرب؟ ربما كانت مادة استشراقية معدة سلفا عرضها الناشر زيادة في العلم الذي يقارب حافة التعالم،
20
ويكتب عنوان الكتاب باللاتينية بما في ذلك اسم الناشر وتحقيقه ونشره.
ويخضع الملحق لنفس المنطق، الحكم على الحذف والإضافة والتأويل بأنه تحريف، وخطأ يحتاج إلى تصويب وتصحيح. والحذف أقل من الإضافة يحتاج إلى إكمال من النص اللاتيني، حتى تطابق الترجمة النص المنقول عنه طبقا لعلاقة الفرع بالأصل. وقد اختصر ابن خلدون بعض الفصول اختصارا شديدا، وكأنه كان لزاما عليه النقل حذو القذة بالقذة،
21
ولكن الإضافة هي الأغلب وكأنها خطأ لا بد من تصويبه، وتحريف لا بد من تصحيحه، وليس تحولا من النقل إلى الإبداع؛ فالإضافة تسمى زيادة غير موجودة في الأصل اللاتيني ما كان يجب أن توجد، فإذا ما وجد فإنه شيء غريب يسترعي الانتباه؛ لأنه ما كان يجب أن يوجد. أما التأويل من أجل التأثير بالأرقام، فإنه خلط وتزييف، وكأن مهمة الناشر هو تلمس الأخطاء وتسقطها، من أجل إعلاء الأصل على الفرع. إن ابن خلدون يشير إلى مصادره الأخرى مثل ابن عباس والطبري والمسعودي.
صفحة غير معروفة