الرسالة الثامنة والعشرون1
العدل العام
يا أخي:
تراني كلما فكرت في العدل العام، وفي كيان الجنس البشري، يبدو لي - لأول وهلة - أنه يستحيل على المرء مهما كان كريم الأخلاق فاضلا أن يكون عادلا عدلا عاما؛ لأن العدل العام يوجب البعد عن الأذى وعدم الاعتداء.
ولهذا السبب تراني دائما أتساءل: كيف أكون عادلا في هذا الكون، وقادرا أن أحفظ كياني؟! ما زال حفظ الكيان يتعلق بالاعتداء على كيان الغير.
كيف أعدل؟! ما زلت أفتك بالحيوان الأمين لأقتات بلحمه، وأتنعم بجلده!
ماذا عمل الحيوان ليستحق هذه العقوبة؟
وإذا امتنعت عن أكل اللحوم، وعفوت عن الحيوان كما تعفو البراهمة، وأخذت أتغذى بالأثمار والنبات فقط، أفلا أتساءل أيضا: بأي حق أفتك بنبات الأرض وأستحله طعاما؟!
كيف أعدل؟ ما زلت - بلا سبب - أستأصل كيان الثمر لأحفظ كياني.
وإذا عاهدت نفسي ألا أعتدي على الحيوان، ولا على النبات، حفظا لناموس العدل العام، فكيف أعيش؟!
صفحة غير معروفة