55
فإذا كان السحر يشارك المعجزة والكرامة في أن الكل خرق لقوانين الطبيعة وهدم لبداهات العقول، أصبح الفرق بينهم في الدرجة لا في النوع، فإذا كان فاعل المعجزة هو الله مباشرة أو من خلال النبي، فإن فاعل السحر هو الجن والشياطين؛ وبالتالي يزداد الأمر غموضا في المجهول. وإذا كانت المعجزة خارج نطاق القدرة الإنسانية فإن السحر يكون من مقدورات البشر، ويكون الله قادرا عليه. السحر نوع من القدرة الخارقة في حدود القدرة البشرية، وتمن مستمر للإنسان أن يكون أقدر مما هو عليه إن استعصت عليه الحيل، وانقطعت به السبل. وإذا كانت الحيلة من أنواع السحر تظل المعجزة من الله والحيلة ليست كذلك، وتظل المعجزة حادثة خارقة للطبيعة في حين قد لا تكون الحيلة كذلك يمكن تعلمها، وهناك علم بأكمله للحيل. وإذا كانت المعجزة لا يقع فيها الاشتراك بل تظل خاصية فريدة للنبي، فإن الاشتراك يقع في الحيل. وإذا كانت المعجزة للأنبياء وحدهم فإن الحيل لأهل صناعة الحيل. وإذا كانت المعجزة تحديا لأهل الصناعة فإن الحيلة ليست كذلك لهم،
56
ولكن تستعمل المعجزة لغة السحر إذا كان العصر عصر سحر؛ فالمعجزة إنما تأتي بلغة العصر وطبقا لمستوى علومه،
57
ولكن يظل يغلب عليهما معا أنهما خرق لقوانين الطبيعة، وتغير في جواهر الأجسام، حتى إذا توجهت المعجزة أساسا إلى الجواهر يتوجه السحر أساسا إلى الأعراض.
58
وبالرغم من أن الكرامة أيضا كالمعجزة وقضاء حاجات، ولا تظهر إلا على ولي تقي فاضل، فإن السحر شر لا يظهر إلا على فاسق؛ فالتعارض بين الكرامة والسحر مثل التعارض بين الخير والشر.
59
وطبقا لهذه الفروق بين المعجزة والكرامة من ناحية والسحر من ناحية أخرى لا تكون المعجزة سحرا.
صفحة غير معروفة