أصلها ثابت وفرعها في السماء . قرونهم كقرون الوعل، ما بين قرن وقرن خمسمائة عام؛ مما يدل على اتساع الجبهة كي تقدر على حمل العرش. وعظم الحامل يدل على عظمة المحمول. ومع أن صورة القرن للشيطان وليس للملاك، إلا أن الوعل المقرن صورة بدوية كريمة.
28
وكل ذلك رجم بالغيب وقول بلا دليل.
أما الكرسي فهو أيضا جسم عظيم من نور تحت العرش، ملتصق به، فوق السماء السابعة، ثابت معه لا يتزحزح، والسماء السابعة أعلى وأشرف من السموات الست الأولى طبقا للعدد الرمزي سبعة، بين الكرسي والعرش مسيرة خمسمائة عام؛ فالعدد خمسة أيضا عدد رمزي في الديانات القديمة، في اليهودية والنصرانية وفي أطراف الإنسان. والقصد هو الدلالة على العظمة. اتساع الكرسي والعرش مثل اتساع جبهة الوعل، والتقدير بالمسيرة الزمنية أعظم وأبعد من التقدير بالمسافة المكانية.
29
والقلم جسم عظيم يتناسق مع الكاتب واللوح وعظم المادة المكتوبة، مصنوع من نور، فالنور مادة شفافة، والشفاف أرقى من المعتم. وقد يكون مصنوعا من اليراع، وهو القصب؛ حتى يكون أسوة بقلم الدنيا الذي يستعمله الخطاط لتحسين الكتابة وتجميلها. يخط كل شيء، وكأن القلم جبري يتفق مع عقيدة الجبر؛ فالجبر في الأفعال يتفق مع التجسيم في أمور المعاد. وهذا يتناقض مع صحائف الأعمال عند الكتبة الذين يكتبون علما بعديا، في حين يكتب هذا القلم علما قبليا. والعلم القبلي الذي أمر الله بكتابته أشرف من العلم البعدي عند الكتبة.
30
والكاتبون هم الذين يدونون ما في صحف الملائكة الموكلين بالتصرف في العالم كل عام أولا بأول، ثم يدونون كتابا واحدا به جميع ما كتبوا في الصحف المتفرقة، ويضعونه تحت العرش. هناك إذن ثلاثة كتب: صحف الأعمال التي يدونها الملكان في الدنيا، وصحف الملائكة التي يكتب فيها الكاتبون أوامرهم كل عام، وكتاب تجمع فيه هذه الأوامر تحت العرش، نسخة أخرى جامعة عند الله في خزانته.
31
أما اللوح فإنه ليس للكاتبين ولا للكتبة؛ لأنه لا يكتب فيه أحد من الملائكة بالقلم على قرطاس، وبمداد وخط، ولكن يكتب فيه بمجرد القدرة الإلهية. مصنوع أيضا من نور، فالنور أشرف من الظلام، وله وجهان؛ أحدهما به ياقوتة حمراء، والآخر به زمردة خضراء؛ أي إنه قلم مزركش مثل أقلام الأغنياء وعلية القوم، وهو أشرف من أقلام الرصاص أو الأقلام الجافة عند عامة الناس، تتهادى بها النخبة، وتوقع بها المعاهدات بين الدول . واللون الأخضر لون قدسي، لون عمامة النبي ووشاح الصوفي وبيارقه، واللون الأحمر لون الشفق والفورة والهيجان،
صفحة غير معروفة