4 (2) الاستدلال
هي طريقة الانتقال من المقدمات إلى النتائج، وهو المعنى العام للاستدلال، ويتم هذا الانتقال بعدة طرق: (أ)
الاستدلال بالكلي على الجزئي، وهو القياس، وفي هذه الحالة يتم الانتقال من «ذات الله» إلى غيرها باعتبار أنها الكلي. والحقيقة أن ذلك مستحيل؛ لأنها لا يمكن أن تعرف، ولا يوجد أعم من «ذات الله» يمكن أن يستدل به على ذات الله باعتباره كلا أخص أو جزءا؛ وبالتالي فالقياس المنطقي بهذا المعنى لا يمكن استعماله في معرفة «ذات الله». (ب)
الاستدلال بالجزئي على الكلي، وهو الاستقراء. فإن كان الاستقراء تاما فهو استدلال يقيني، وإن كان ناقصا فهو استدلال ظني. وهو طريق الانتقال من الإنسان إلى «الله»؛ أي من الجزء إلى الكل، طريق التشبيه وقياس الغائب على الشاهد. ويستحيل أن يكون تاما لأن الإنسان لن يستقرئ كل الجزئيات للاستدلال بها على «ذات الله» باعتبارها كل الكليات بالإضافة إلى أنه خطأ في اتجاه المعرفة. فالانتقال من الجزئي لا يكون إلا لجزئي مثله، دخولا في العالم وليس خروجا منه.
5 (ج)
الاستدلال بالجزئي على الجزئي، وهو التمثيل أو القياس الفقهي، أي مشاركة الجزأين في علة الحكم. وهو يجوز في الأشياء والأفعال، ولكن لا يمكن معرفة «ذات الله» به؛ لأن الله ليس جزءا ولا يقاس على جزء. أما الاستدلال بالكلي (طبقا للحالة الرابحة في القسمة العقلية)، فالكليان جزئيان لدخولهما تحت عنصر ثالث مشترك. ولا يمكن «لذات الله» ككل أن يساويها كل آخر وإلا كان شركا. ومن ثم يستحيل استعمال هذه الاستدلالات المنطقية في الفكر «الإلهي».
6 (3) القياس
وهو المنهج الرئيسي في الاستدلال، وقلب المنطق وعمدته. وتأتي معظم أشكاله من المنطق الصوري. وكأن المتكلمين قد اعتمدوا على منطق الحكماء أكثر من اعتمادهم على منطق الأصوليين بالرغم من اشتراكهم معهم في «علم الأصول»؛ أصول الدين عند المتكلمين وأصول الفقه عند الفقهاء. وأهم صور القياس خمس: (أ)
الانتقال من حكم إيجابي أو سلبي لكل أفراد الشيء إلى شيء آخر كله أو بعضه، وثبوت نفس الحكم له قطعا. وبلغة المنطق الصوري، الانتقال من الكلية الموجبة أو السالبة إلى الكلي أو الجزئي الموجب أو السالب. وهو ما يستحيل في معرفة «الله» باعتبارها كلا موجبا (إثبات صفات الكمال) أو كلا سالبا (نفي صفات النقص). ولأنه غير معرف بعد فكيف يمكن الانتقال منه إلى موجب أو سالب آخر، كلي أم جزئي؟ (ب)
الانتقال من حكم لكل أفراد الشيء وحكم مقابل لشيء آخر كلي أو جزئي، فيعلم سلب الحكم الأول عن الشيء الثاني؛ أي الانتقال من الكلية الموجبة إلى الكلية أو الجزئية السالبة عن طريق القلب أو التضاد، ولا يمكن معرفة «الله» أيضا عن هذا القياس؛ لأن «الله» لا يمكن معرفته ثم الانتقال منه إلى معرفة الآخر. ولكن يمكن افتراضا تعريف «ذات الله» تعريفا كليا موجبا، ثم قلبه إلى عكسه كلا أو جزءا وسلب الحكم عنه. إذا كان «الله» حيا يكون الإنسان ميتا، سواء كان الإنسان الكلي أو هذا الإنسان المتعين. (ج)
صفحة غير معروفة