وينتهي موضوع الإيمان والعمل في موضوع الإمامة الذي يتراوح أيضا بين الشدة واللين؛ الشدة مع مجتمع القهر، واللين مع مجتمع المعارضة؛ التصلب مع الخارج، والتراخي مع الداخل؛ القسوة مع الآخر، والعطف مع الذات. فإذا كانت الثروة في مجتمع القهر أقرب إلى الحرام منها إلى الحلال في صناعة أو تجارة، فإنه لا يجوز للمعارضة إلا قوت يومها تعففا عن المال الحرام، وتكون دماء مجتمع القهر وأمواله مباحة. وفي مقابل هذا التشدد مع الآخر يجوز نكاح المتعة تساهلا مع النفس. ولا يجوز الطلاق بكنايات وإن قارنتها نية الطلاق تعبيرا عن الدقة المتناهية والتشدد في حقوق الغير. ويمكن الشك في شهادة المجتمع كله تحريا للعدالة.
78
فإذا ما صعب تجريح عقائد المعارضة فإنه يسهل اتهامها بالعمالة للخارج، وتبعيتها لأفكار أجنبية، وترويجها لأفكار مستوردة من الكفار، سواء من البراهمة أو النصارى أو المجوس،
79
ويصبح حكم المعارضة العلنية في الداخل حكم المجوس أو المرتدين،
80
وتتوحد الفرقة الناجية بالأمة كلها، وتكفر فرق المعارضة بأنواعها باسم الأمة، وهي في النهاية إحدى الفرق، فرقة السلطان. فإذا شابهت عقائد الفرق الضالة عقائد الفرق الناجية نجت، وإذا خالفتها هلكت.
81
ونظرا لضيق فرق المعارضة بفرقة السلطان فإنه ينتهي ضيقها ببعضها البعض، ويكفر بعضها بعضا، كل منها يعتبر نفسه الوريث الشرعي لها، فتفتت المعارضة، وينتهي الأمر بمزيد من السيطرة لفرقة السلطان. (4) فرقة السلطان
إذا كانت الفرق الهالكة هي فرق المعارضة بأنواعها، فإن الفرقة الناجية هي فرقة السلطان . وعلى هذا الأساس، الاختلاف في الموقف السياسي، يتم التكفير تحت ستار الخلاف العقائدي. ولكن هل عقائد الفرقة الناجية تعلو على النقد ولا تجد من يجرحها ويخطئها؟ ومن هي الفرقة الناجية؟ هل هي فرقة واحدة أم فرق عديدة؟ وهل هناك عقائد موحدة لها أم أن الخلافات بينها لا تقل عن الخلافات بين الفرقة الناجية والفرق الضالة؟ يرفض التراث الفقهي كل علم العقائد بما في ذلك عقائد الفرقة الناجية، ويبين أنها لا تستقيم مع العقائد كما تعرضها النصوص الدينية، كما أنها لا تستقيم مع العقل. وهو نقد عقائدي صرف، وليس نقدا سياسيا تحت ستار العقائد؛ لأن الفقهاء في معظمهم ليسوا من فرقة السلطان ولا من فرق المعارضة، بل هم حماة الشرع والمدافعون عن مصالح الأمة دفاعا مباشرا، متجاوزين الأحزاب السياسية ودوائر البلاط. وتتعدد الفرق داخل الفرقة الناجية بحيث تتشعب داخل فرق المعارضة، وتصبح لا وجود لها إلا من خلال بعض فرق المعارضة. فالجميع أهل سنة وحديث. وهي فرق خاطئة في تصورها وصياغتها للعقائد، ولكن دون تكفير أو تضليل.
صفحة غير معروفة