4
كما أن البعض منها متداخل يصعب الفصل بينها.
5
وقد تنقسم فرقة صغرى إلى فرق أصغر حتى يصعب العدد ويضطرب، ولا يعرف هل يصح للفرقة الصغرى عدد أم للفريقات الصغرى فقط.
6
وقد ذكرت الفرق دون مراعاة لترتيب تاريخي أو ترتيب من حيث الكبر أو الأهمية، بل يكفي فقط المطابقة للعدد السبعين المذكور. ومن الطبيعي أن تأتي الفرقة الناجية في النهاية، فختامه مسك، وما بعد الضلال إلا الهداية. وبقدر ما يتم التفضيل في الفرق الضالة وتقسيمها إلى فرق، والفرق إلى فرق أصغر، تعرض الفرقة الناجية وحدة واحدة، متحدة متماسكة، وكأنها هي رأي الأمة والجمهور، الأصل والجذع، وما دونها الفروع والشتات. الفرقة الناجية تجمع، والضالة تفرق. الأولى توحد، والثانية تبعثر. وهو حكم قيمة مسبق يقوم بالكشف عن موقف السلطة السياسي تجاه المعارضة، وموقف الدولة تجاه خصومها السياسيين؛ فالسلطة هي الأساس، والمعارضة خروج عليها. والحقيقة أن الفرقة الناجية تكون أيضا من فرق، بل ومن فرق صغيرة عدة، ولا تمثل إجماعا واحدا على رأي واحد، سواء في المسائل النظرية أو في الموضوعات العملية. يجمعها جميعا التسليم بالأمر الواقع والإقرار بالسلطة القائمة.
7
وقد استعمل سلاح الألقاب لنصرة الفرقة الناجية، وحصارا للفرق الهالكة، استعملته السلطة ضد فرق المعارضة؛ فالمتكلمون أهل الأهواء، والمعتزلة معطلة مجوس الأمة، والثوار خوارج، والرافضون شيعة أو روافض ... إلخ. وقد استمر هذا التقليد متبعا حتى الآن في اتهام فرق المعارضة بالعمالة والإلحاد والكفر والخروج. وقد أتت معظم التسميات والأوصاف والألقاب من الآخرين، أي من الخصوم، وليس من الفرقة ذاتها موضوع الاتهام؛ فالمعتزلة والشيعة والخوارج، وهي فرق المعارضة الرئيسية الثلاثة، كلها نعوت من الفرقة الناجية، وتوحي كلها بالخروج على النهج القديم والصراط المستقيم؛ فالمعتزلة من الاعتزال من الجماعة، والشيعة من التشيع والخروج على الحياد والموضوعية، والخوارج من الخروج على الإمام ورفض السلطة وإعلان العصيان.
8
وتسمي فرق المعارضة الفرقة الناجية بالأموية، وأنصارها بالأمويين؛ أي السلطة. فإن صعب الحصول على اسم متميز يدين ببنائه اللفظي، فإنه يمكن استعمال أسماء أخرى من مضمون الفرقة الهالكة واتجاهها، مثل الباطنية لقولها بالباطن دون الظاهر، أو الحرمية لإباحتها المحرمات، أو السبعية لقولها بالأئمة السبعة. وقد يشتق الاسم من اللباس، مثل المحمرة للبسهم الحمرة، أو تسميتهم المسلمين حميرا. وقد يشتق الاسم من الأسماء الوثنية التي ينتسبون إليها، مثل البابكية أو المزدكية. فإن استعصى ذلك كله نسبت الفرقة إلى اسم مؤسسها، وكأنها فرقة شخصية تدور حول زعيمها، وليس لها موقف فكري أو اتجاه نظري، وكأن الخلاف بين الفرق هو صراع على السلطة. وما دامت السلطة بيد الدولة فإن خصومها عصاة خارجون على القانون. وقد يستمد الاسم من المكان حتى ترتبط بمنطقة وبلد دون جماعة وأنصار، ودون فكر ورأي. فإذا ما ارتبطت الفرقة باسم الرأي والعقيدة، فإنها في الغالب عقائد ضالة، مثل إنكار القدر والجبر والتشبيه والتأليه.
صفحة غير معروفة