15
يصح الألم للنفع وإلا وجب العوض. وتصح الآلام استحقاقا أو امتحانا، الأولى للعقوبة والثانية لتقوية النفس وشحذ العزيمة.
16
وقد يقع العوض من الله إلى الإنسان إذا ما ابتدأ بالآلام؛ فيحدث العوض في الحال أو في المآل، في الدنيا وفي الآخرة، انتصافا للمظلوم من الظالم.
17
وقد يقع العوض من الإنسان إلى الإنسان في الحال أو في المآل، فتجب عليه الكفارة والدية. وذلك يدل على أن مفهوم العوض فقهي خالص، أي إنساني صرف، يفرض نفسه على العقيدة وكأن أصول الفقه هو أساس أصول الدين، وكأن الشريعة تفرض نفسها على العقيدة، وكأن العمل يفرض نفسه على النظر.
18
يكون العوض إذن جزاء عن ألم سببه الله للإنسان أو يكون العوض جزاء ألم سببه الإنسان للإنسان، وذلك بأخذ حسنات منه، فإن لم تكن له حسنات فترفع منه السيئات بما يوازي الحسنات. وقد يثير هذا العوض عدة إشكالات، منها: هل يكون العوض في الدنيا أم في «الآخرة»؟ وتسهل الإجابة عليه بأن العوض يكون في الدنيا لأن الآخرة لم تثبت بعد لأنها من السمعيات، وما زلنا في العقليات في أصلي التوحيد والعدل. ولكن استباقا يمكن في «الآخرة» قياسا للغائب على الشاهد. ومنها أيضا أن العوض لا يحبط بالذنوب كالثواب لأنه عوض عن آلام إلا في الحساب الكلي بناء على رغبة الإنسان في التنازل عنه في «الآخرة». ومنها أن العوض لاحق للآلام وليس سابقا عليها؛ فلا يعطى ابتداء. لا يؤلم الإنسان ليعوض بل يحدث الألم لا عن قصد كنتيجة طبيعية للفعل القصدي.
19
وقد يتفضل حساب العوض كما طبقا للزمان، أي مدة الألم وشدته ونوعه. فالعوض المنقطع هو العوض المرئي المباشر نتيجة للجهد، في مقابل العوض الدائم الذي ينتج عن مصير حياة بأسرها. ويدل على ذلك النظر إلى العوض في الشاهد.
صفحة غير معروفة