الفصل الثاني في كيفية معرفة إلى أي النواحي تنتقل الدولة ومواضع مدن ملوكها
وإذ قدمنا في الفصل الأول السبب الموجب لانتقال الدولة إلى غير أهل الملة وانتقالها من قوم إلى قوم من أهل تلك الملة فلنخبر بالنواحي التي تنتقل إليها الدولة ومواضع المدن فيها
وأما كيفية معرفة استنباط ذلك فإنه ينظر إلى سهم الملك الذي قدمنا ذكره في الفصل الرابع من المقالة الأولى فإن كان في ناحية المشرق كان الانتقال إلى تلك الناحية وإن كان في ناحية المغرب فإليها وإن كان في وتد الأرض كان الانتقال إلى ناحية الشمال وأقاصي الأرض وبلدان الاعاجم وإن كان في وسط السماء كان الانتقال إلى ناحية الجنوب مع معونة قوم من أهل الملة الأولى لهم وإن كان فيما بين هذه الأوتاد نسب الانتقال إلى الناحية التي هي أقرب إلى أحد الوتدين منه إلى الآخر
فإن أريد كيفية معرفة مواضع مدنهم فلينظر إلى محل صاحب سهم الملك من الفلك فإن كان في وسط السماء كان في أوسط الأقاليم وإن كان زائلا زالت مدنهم عن ذلك الحد وعلى حسب موضعه من المشرق والجنوب والمغرب والشمال أو فيما بينها تكون مدنهم في تلك الناحية فإن كان برجا مائيا كانت مدنهم على السواحل والأنهار العظام وقد يجب أن ينظر في تحاويل السنين التي يتهيأ أن يكون أحد الكواكب في دقيقة شرفه والقمر مجاسدا له فإن الأمر إذا كان على ذلك دل على ظهور طبيعة ذلك الكوكب في سائر العالم سيما إن ولي السنة وربما نقل مساكن الملوك إلى الأقاليم التي هو دليلها
فإذ قد أتينا على ما أردنا شرحه فلنقطع الفصل
صفحة ٥٨