93

الموضع الأول: في حده وهو عندهم قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر كالعالم متغير، وكل متغير حادث يلزم عنه العالم حادث، فيخرج بقيد التأليف من قضايا اللفظ المفرد، والقضية الواحدة المستلزمة لذاتها عكسها المستوي أو عكس نقيضها.

وقوله: (متى سلمت) إشارة إلى أن تلك القضايا لا يجب أن تكون مسلمة في نفسها، بل يجب أن تكون بحيث لو سلمت لزم عنها قول آخر ليندرج في الحد القياس الصادق المقدمات، وكاذبها، كقولنا: كل إنسان حجر، وكل حجر جماد، فإن هاتين القضيتين وإن كذبتا إلا أنهما لو سلمتا لزم عنهما أن كل إنسان جماد.

وقوله: (لزم عنها): يخرج الاستقراء والتمثيل لإمكان تخلف مدلولهما كما سيأتي، ويخرج بقوله لذاتها ما لزم لا لذاتها، بل بواسطة مقدمة غريبة كما في قياس المساواة وهو ما يتركب من قضيتين متعلق محمول الأولى منهما يكون موضوع الأخرى كقولك مثلا: الإنسان مساو للناطق والناطق مساو للبشر، فالنتيجة وهي الإنسان مساو للبشر ليست لازمة لذات المقدمتين، بل بواسطة مقدمة أجنبيه وهي كون مساوي المساوي لشيء مساو لذلك الشيء؛ إذ لو كانت لذاتهما لكان هذا النوع منتجا دائما، وليس كذلك فإنه إذا قيل: الإنسان مباين للفرس، والفرس مباين للناطق لم ينتج كون الإنسان مباينا للناطق.

وقوله: قول آخر أراد به أن القول اللازم يجب أن يكون مغايرا لكل واحدة من المقدمات، فإنه لو لم يعتبر ذلك في القياس لزم أن يكون كل قضيتين قياسا كيف كانتا، كما لو قيل: كل إنسان ناطق وكل ناطق بشر، فإن النتيجة وهي كل إنسان بشر هي إحدى المقدمتين.

الموضع الثاني: في قسمته وهو ينقسم إلى اقتراني، واستثنائي.

فالأول: ما دل على النتيجة أو نقيضها بالقوة لا بالفعل، والمراد بالقوة المعنى بأن تكون مذكورة فيه بمادتها لا بصورتها كالعالم حادث فيما تقدم، فإنه لم يذكر هو ولا نقيضه في القياس بالفعل بمعنى أنه لم يوجد فيه على هذا التركيب.

صفحة ٩٣