150

المقام الثالث: في المرجح ما هو وممن هو عند القائلين به من

العدلية

فقال (الحسين بن القاسم) عليه السلام : المرجح الإرادة وهي من العبد، ولزوم التسلسل ممنوع؛ لأن المحتاج إلى الإرادة هو الفعل المتوجه إليه بالقصد لا الإرادة؛ إذ حصولها ليس إلا بتبعية الفعل المراد، وقد ذكر الشريف أن كل عاقل يعلم من نفسه أن إرادته للشيء لا تتوقف على إرادته لتلك الإرادة.

وقال (الإمام يحيى) عليه السلام : إذا قال السائل ما الذي يرجح وجود المقدور على عدمه؟ فمن جوابنا أنه القادر، فإذا قال: فلم وجد في هذا الوقت دون ما قبله وما بعده ولم اختص بالحصول دون ضده؟ قلنا: الفاعل المختار أوجده لقيام داعيه، فمتى قال فلنفرض قيام الداعي في كل واحد من الضدين على سواء، قلنا: من هاهنا يتميز القادر على الموجب، فإنا لو جرينا في هذا الموطن على طلب مخصص لأحد مقدوريه دون الآخر غير كونه فاعلا مختارا لألحقناه بباب الموجب، وخرج عن حد الاختيار، وهذا يرفع ما عرفناه ضرورة من الفرق بين القادر والموجب، وحصل من مجموع ما ذكرنا أن الفاعل مفتقر في الأصل إلى الداعي ليبعثه على الفعل، وعند فرض الاستواء في الفعلين من كل الوجوه يفعل أحدهما دون الآخر من غير أمر وراء كونه فاعلا مختارا.

قال (الإمام عز الدين) عليه السلام : وفي كلامه عليه السلام ما يشفي في جواب هذه الشبهة التي أوردها الرازي، ويفتح مقفلها، ويحل معضلها.

صفحة ١٥٠