الفصل الأول: في المبادئ
إذا أراد الله بعبد خيرا : أيقظه من سنة الغفلة للتخلص من موبقات الآثام والورطة.
فأول ذلك : عند ظهور الإنابة إلى الله ترد على العبد جذبات تجذب قلبه وهو في غمار الغفلة، تتلاطم عليه فيه أمواج الطبيعة والهوى ، ويستبين له الرشد والهدى، على قدر استمرار تلك الجذبات التي تجذب قلبه من عوالمه الأرضية إلى مقر روحه، فيشرق له في ذلك الحال بنور عقله ضياء الطريق، ثم يعود عليه عوالمه الأرضية، فيبقى متحيرا في ظلماتها.
فمنهم من يتعاطى في تلك الظلمة ما يتقاضاه الطبع والهوى ؛ إلا أن يعصمه الله تعالى، فلا يزال كذلك صاعدا مرة إلى أوجه؛ وتارة أخرى إلى حضيضه، فيكون في أول الأمر أوقات صعوده نادرا، ثم تتوالى عليه الجذبات ؛ إلى أن يبقى الصعود والنزول متساويين، ثم تغلب أوقات الصعود على أوقات النزول، ثم تندرأوقات النزول كما كانت أولا أوقات الصعود نادرة.
صفحة ٤٧