يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: اتركهما. فَقَالَ: مَا أدعهما. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهُ قد نهى النَّبِي ﷺ عَن صَلَاة بعد الْعَصْر وَلَا أَدْرِي أتعذَّب أم تؤجَر؟ لأنَّ الله قَالَ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ " قَالَ الشَّافِعِي: فَرَأى ابْن عَبَّاس الْحجَّة قَائِمَة على طَاوس بِخَبَرِهِ عَن النَّبِي ﷺ ودلَّه بِتِلَاوَة كتاب الله ﷿ على أَن فرضا عَلَيْهِ أَن لَا يكون لَهُ الْخيرَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا. وَأخرج مُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: "كُنَّا نخابر وَلَا نرى بذلك بَأْسا حَتَّى زعم رَافع أَن رَسُول الله ﷺ نهى عَنْهَا فتركناها من أجل ذَلِك". قَالَ الشَّافِعِي: فَابْن عمر قد كَانَ ينْتَفع بالمخابرة ويراها حَلَالا وَلم يتوسع إِذْ أخبرهُ الثِّقَة عَن رَسُول الله ﷺ أَنه نهى عَنْهَا أَن يخابر بعد خَبره. وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار: "أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان بَاعَ سِقَايَة من ذهب أَو ورِق بِأَكْثَرَ من وَزنهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاء: سَمِعت رَسُول الله ﷺ نهى عَن مثل هَذَا إِلَّا مثلا بِمثل فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: مَا أرى بِهَذَا بَأْسا، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: من يعذرني من مُعَاوِيَة؟ أخبرهُ عَن رَسُول الله ﷺ ويخبرني عَن رَأْيه، لَا أساكنك بِأَرْض أَنْت بهَا". قَالَ الشَّافِعِي: فَرَأى أَبُو الدَّرْدَاء الْحجَّة تقوم على مُعَاوِيَة بِخَبَرِهِ، فَلَمَّا لم ير مُعَاوِيَة ذَلِك فَارق
1 / 32