المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
تصانيف
[ 44/1] إن توفرت معها شرائط الإيجاب غيرها. وما زلت منذ سمعت هذا الإلزام أحاول فرقا بين الوضوء والغسل فما قدرت على فرق تسكن النفس إليه ويثلج به الصدر. وربما خطر لي أن يقال: مقتضى عموم الإسلام يجب ما قبله شمول أسباب الطهارتين, لكن خرج الوضوء بمقتضى عموم قوله تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا, عموم قوله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاةض أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ, فيبقى الغسل داخلا في العموم الأول ولم يعارضه شيء, وإنما رجح العام الدال على طلبية الوضوء لأنه أمس بالمقصود من العام الرافع له, لأن العامين إذا تعارضا قدم الذي هو أمس بالمقصود منهما على غيره. ومثاله ما مثل به ابن الحاجب وغيره في الترجيحات من الترجيح في قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين على أو ما ملكت أيمانكم. وبيان أن العام في الآية والحديث المذكور معها أمس بالمقصود من العام الذي هو الإسلام يجب ماقبله أنهما نص في المقصود لدلالتهما بالمطابقة على أن كل قائم للصلاة أو كل محدث لا تصح صلاته إلا بالوضوء, كان مسلما بالأصالة أو كافرا ثم أسلم. وأيضا فإنه إنما أتى بهما لبيان مانعيه الحدث من الصلاة. وأما الحديث الآخر فيحتمل أن يكون معناه يجب ما قبله من الخطايا والآثام, نحو قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. ويرجح هذا التأويل في الحديث المذكور وروده على سبب يقتضيه, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص حين أراد الإسلام وخاف مما توعد الله به في قوله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآية, فقال: كلا قد فعلنا أو نحو هذا من معنى ما صدر منه, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن الإسلام يجب ما قبله, وأن التوبة تجب ما قبلها.
صفحة ٤٩