منهجية التأليف في السيرة عند ابن كثير
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
ومن الروايات التي أنكرها ابن كثير استنادًا إلى أن أحوال النبي ﷺ مشهورة ومعروفة تلك المرويات المنكرة التي لا تتوافق مع أحوال نبوية مقطوع بوقوعها بكيفية محددة، ومن ذلك ما روي عن أبي سعيد أنه قال: "حج النبي ﷺ وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة وقد ربطوا أوساطهم ومشيهم خليط من الهرولة".
قال ابن كثير: "حديث منكر ضعيف الإسناد"، ثم علّق على ما قاله البزار (١): "معناه أنهم كانوا في عمرة إن ثبت الحديث؛ لأنه ﵇: إنما حجَّ حجَّة واحدة وكان راكبًا وبعض أصحابه مشاة".
قلت - ابن كثير ـ:
لم يعتمر النبي ﷺ في شيء من عُمرة ماشيًا لا في الحديبية ولا في القضاء ولا الجِعِرَّانة ولا في حجة الوداع وأحواله ﷺ أشهر وأعرف من أن تخفى على الناس بل هذا الحديث منكر شاذ لا يثبت مثله (٢) .
كذلك عقب ابن كثير على رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إنما قرن رسول الله ﷺ في حجة الوداع خشية أن يُصدَّ عن البيت، قال ابن كثير: هذا حديث غريب سندًا ومتنًا، ثم انبرى يناقش متنه قائلًا: "من الذي يصده ﵊ وقد أظهر الله الإسلام وفتح البلد الحرام وقد نودي برحاب منى أيام الموسم الماضي أن لا يحج بعد العام
_________
(١) البزار: إسحاق بن عبد الله الكوفي له المسند (ت:٣٠٧هـ)، ابن كثير، البداية والنهاية، ١٤/٨١٣.
(٢) ٧/٤١٩-٤٢٠.
1 / 47