منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
الناشر
دار الرسالة العالمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
طالب ﵁ عندما أرسله الرسول ﷺ في سرية إلى اليمن في ثلاثمائة فارس فكانت خيلهم أول خيل دخلت تلك البلاد، فلقي جمعًا فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا أصحابه بالنبل والحجارة، فلما رأى أنهم لا يريدون إلا القتال دفع اللواء إلى مسعود بن سنان السلمي فتقدم به فبرز رجل من مذحج يدعو إلى البراز فبرز إليه الأسود بن خزاعي فقتله الأسود وأخذ سلبه ثم حمل عليهم علي وأصحابه فقتل منهم عشرين رجلًا فتفرقوا وانهزموا وتركوا لواءهم قائمًا فكف عن طلبهم ودعاهم إلى الإسلام فسارعوا وأجابوا، وتقدم نفر من رؤسائهم فبايعوه على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله (^١).
إن ما حصل من علي ﵁ هو مطابق لما ورد في الآيات السابقة؛ فقد قاتل المشركين حتى تابوا وأسلموا وأدوا الزكاة. يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾: "أي: لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام" (^٢)، وذلك ما قام به علي بن أبي طالب ﵁ في الذهاب إليهم في معاقلهم وقتالهم حتى أسلموا. ﴿فَإِنْ تَابُوا﴾ "أي: فإن رجعوا عما نهاهم عنه من الشرك بالله وجحود نبوة نبيه محمد ﷺ «^٣)، ﴿فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾،
(^١) انظر: المغازي، الواقدي، ص ٧١٠. (^٢) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٧/ ١٤٨. (^٣) جامع البيان، الطبري، ٥/ ٨٢١.
1 / 82