منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

عبد العزيز بن محمد بن سعود الكبير ت. غير معلوم
67

منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

الناشر

دار الرسالة العالمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م

مكان النشر

بيروت

تصانيف

لتمشط رأسها فقال: أين أبو الدرداء؟ فقالت: خرج أخوك آنفًا فدخل بيته الذي فيه الصنم ومعه القدوم فأنزله، وجعل يقدده فلذًا فلذًا (^١)، وهو يرتجز سرًا من أسماء الشياطين كلها ويقول: "ألا كل ما يدعى مع الله باطل"، ثم خرج وسمعت المرأة صوت القدوم وهو يضرب ذلك الصنم فقالت: أهلكتني يا ابن رواحة، فخرج على ذلك فلم يكن شيء حتى أقبل أبو الدرداء إلى منزله فوجد المرأة قاعدة تبكي شفقًا منه، فقال: ما شأنك؟ قالت: أخوك عبد الله بن رواحة دخل عليَّ فصنع ما ترى، فغضب غضبًا شديدًا ثم فكر في نفسه فقال: لو كان عند هذا خير لدفع عن نفسه، فانطلق حتى أتى رسول الله ﷺ ومعه ابن رواحة فأسلم (^٢). وفي تكسير صنم أبي الدرداء مشابهة لما قام به إبراهيم ﵇ في قوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾، إلا أن أبا الدرداء ﵁ كان أكثر عقلًا وبصيرة من قوم إبراهيم ﵇ الذين عرفوا الحق وأنكروه، ﴿فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ﴾، يقول الشيخ أبو بكر الجزائري: "أي قلبهم الله رأسًا على عقب فبعد أن عرفوا الحق ولاموا على أنفسهم عادوا إلى الجدال الباطل" (^٣).

(^١) الفِلْذَة بالذال المعجمة: القطعة من الشيء، والجمع فِلَذ، مثل: سِدْرَة وسِدَر، وفَلَذْت له من الشيء فَلْذًا من باب ضرب: قَطَعْتُ. (انظر: المصباح المنير، الفيومي، كتاب الفاء، ص ٢٤٩). (^٢) انظر: المستدرك على الصحيحين، الحاكم، كتاب معرفة الصحابة، رقم ٥٥٣٢، ٤/ ٥٢. (^٣) أيسر التفاسير، أبو بكر الجزائري، ٣/ ٤٢٤.

1 / 73