منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
الناشر
دار الرسالة العالمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وكان ابنه معاذ ومعاذ بن جبل وفتيان من بني سلمة قد أسلموا فيدلجون بالليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه منكس الرأس في بعض حفر بني سلمة فيها عذر الناس، وإذا أصبح قال: ويلكم! من عدا على إلهنا هذه الليلة؟ ثم يذهب يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه وأعاده مكانه، فإذا نام فعلوا به مثلها، فلما أكثروا عليه استخرجه من حيث ألقوه وغسله وطهره وطيبه ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال: إني والله لا أعلم من يفعل بك هذا، فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك، فلما أمسى ونام عدوا عليه وأخذوا السيف من عنقه وقرنوه مع كلب ميت وألقوه في بئر من أبيار بني سلمة فيها عذرة من عذر الناس، فلما أصبح عمرو غدا إلى إلهه فلم يجده مكانه فبحث عنه فوجده في تلك البئر منكسًا على رأسه مقرونًا بكلب ميت فلما رآه وأبصر شأنه عرف أنه على ضلال، وكلمه من كلمه من قومه فأسلم وحسن إسلامه ﵁ وقال في هذا الصنم:
والله لو كُنت إلها لم تكن ... أنت وكلب وسط بئر في قرن
أُف لمِلقاك إلهًا مستدنْ ... الآن فَتشناك عن سوء الغُبن (^١)
إن ما قام به معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن جبل ومن معهم ﵃ في دعوة عمرو بن الجموح ﵁ له أصل وأساس في كتاب الله من قصة إبراهيم ﵇ مع قومه عند تحطيم الأصنام، قال تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾ (^٢)،
(^١) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٤١١. (^٢) سورة الأنبياء، الآيتان: ٥٧ - ٥٨.
1 / 70