منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
الناشر
دار الرسالة العالمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
محمودة إذا كانت في جلب خير أو دفع شر، أما فيما عدا ذلك فهي مذمومة، وقد احتال يوسف ﵇ على إخوته في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ (^١)، ويقول كعب بن مالك ﵁: (كان الرسول ﷺ قلما يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها «^٢)، وهذا من الحيلة في الحرب، ففي الأولى جلب خير، وفي الثانية دفع شر، وقد استخدم بعض الصحابة ﵃ الحيلة ليبينوا الحق ويدعوا إليه، وأن ما عليه المشركون هو الباطل، فهذا معاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو بن الجموح وفتيان من الأنصار كانوا يدلجون في الليل على صنم لعمرو بن الجموح فيحملونه ويطرحونه في بعض حفر بني سلمة التي فيها عذرة الناس فإذا أصبح عمرو بن الجموح بحث عن إلهه إلى أن يجده في الحفرة، ثم يعيده فيغسله ويطهره ويطيبه ويتكرر الموقف، وفي أحد المرات علق السيف عليه وقال له: إن كان فيك خير فامتنع، فلما رآه في الحفرة وقد قرن بكلب ميت تركه وأسلم. وهنا نجد أن معاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو ﵄ عندما علما أنهما لا يستطيعان مواجهة عمرو بن الجموح مما قد يتسبب في تمسكه في إلهه أكثر، لجأا إلى استخدام الحيلة في إثبات أن هذه الأصنام لا تنفع أنفسها، فكيف تنفع غيرها، وهذا نوع من استخدام الداعي لإمكاناته وقدراته التي يمكن أن يكون لها أثر إيجابي في الدعوة.
(^١) سورة يوسف، الآية: ٧٠. (^٢) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من أراد غزوة فورى بغيرها ومن أحب الخروج إلى السفر يوم الخميس، رقم ٢٩٤٨، ص ٤٨٨.
1 / 152