منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
الناشر
دار الرسالة العالمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
كما أن في دعوة طليب بن عمير ﵁ لأمه أروى بنت عبدالمطلب ﵂ رفق الابن بالوالد؛ فقد قال لها: أسألك بالله إلا أتيته وسلمت عليه وصدقته وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
وذلك من وصية الله للإنسان أن يحسن لوالديه وإن كانا مشركين، قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ (^١)، والرفق في دعوة الوالدين من الإحسان إليهما.
والرفق أو التيسير لا يعني التنازل أو التهاون في أمور الدين، أو المجاملة والمصانعة على حساب الحق، إنما يعني الرفق مع الحق والحزم؛ وذلك ما نلحظه في قصة إرسال الرسول ﷺ علي بن أبي طالب ﵁ إلى حصن خيبر، فعن سهل بن سعد ﵁ سمع النبي ﷺ يقول يوم خيبر: (لأعطين الراية رجلًا يفتح الله على يديه (فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى فقال: (أين علي؟ (فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه، حتى كأنه لم يكن به شيء، فقال ﵁: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال ﷺ: (على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم «^٢)، في هذا الحديث رفق مع حزم وقوة في الدعوة، وعدم التنازل عن الإسلام وواجباته، ومن الرفق والتيسير عدم مقاتلتهم حتى يدعوهم، وقد
(^١) سورة العنكبوت، الآية: ٨. (^٢) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي ﷺ إلى الإسلام والنبوة، رقم ٢٩٤٢، ص ٤٨٧.
1 / 127