منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل
الناشر
دار المحدثين للبحث العلمي والترجمة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠١١ م - ١٤٣٢ م
تصانيف
مقارنة مرويَّاته، بغيره ومعرفة الموافقة والمخالفة للثقات الأثبات، ولا يكون ذلك إلا بعد السبر الحثيث لمرويَّات الحديث.
المثال الرابع: قال الإمام مسلم في التمييز: " حدثنا زهير بن حرب، ثنا إسحاق بن عيسى، ثنا ابن لهيعة قال: كتب إلي موسى بن عقبة يقول: حدثني بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت ﵁: «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ احْتَجَمَ فِي الْمَسْجِدِ». قلت لابن لهيعة: مسجد في بيته؟ قال: مسجد الرَّسُول ﷺ.
قال مسلم: وهذه رواية فاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعا وابن لهيعة الْمُصَحِّفُ في متنه الْمُغَفَّل في إسنادهِ. وإنَّما الحديث: «أنَّ النَّبِي ﷺ احْتَجَرَ فِي الْمَسْجِدِ بِخُوصَةٍ، أَوْ حَصِيرٍ يُصَلِّي فِيهَا» (١)، وسنذكر صحة الرواية في ذلك إن شاء الله " (٢).
ثم قال أيضًا: " الرواية الصحيحة في هذا الحديث ما ذكرنا عن وهيب وذكرنا عن عبدالله بن سعيد، عن أبي النضر، وابن لهيعة إنما وقع في الخطأ من هذه الرواية أنه أخذ الحديث من كتاب موسى بن عقبة إليه فيما ذكر، وهي الآفة التي نخشى على من أخذ الحديث من الكتب من غير سماع من المحدث، أو عرض عليه، فإذا كان أحد هذين - السماع أو العرض - فخليق أن لا يأتي صاحبه التصحيف القبيح، وما أشبه ذلك من الخطأ الفاحش إن شاء الله. وأما الخطأ في
(١) أخرجه على الوجه الصحيح: البخاري في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب الأدب، باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله تعالى، (ج١٠/ص٥٨٤)، برقم (٦١١٣)، ومسلم في الجامع الصحيح (بشرح النووي) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، (ج٣ / ص٣٢٥ - ٣٢٦)، برقم (٧٨١)، أبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب في فضل التطوع في البيت، (ج١ / ص٤٥٨)، برقم (١٤٤٧)، ثلاثتهم من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت به، وغيرهم.
(٢) مسلم بن الحجاج: التمييز (مع منهج النقد عند المحدثين)، طبعة مكتبة الكوثر، الرياض، (ص ١٨٧)، حديث رقم (٥٥).
1 / 111