منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل
الناشر
دار المحدثين للبحث العلمي والترجمة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠١١ م - ١٤٣٢ م
تصانيف
وفيه ترجيح رواية الثقات على رواية الثقة إذا خالفهم في الإسناد، وأما قوله وأخرجه مسلم فوهم من الدارقطني ﵀، فإن مسلم لم يخرج الحديث، وإنَّما أخرجه البخاري في صحيحه، والنَّسائي في السنن كما ذكرنا آنفًا.
٢. الدليل على أنَّهم كانوا يعتبرون مخالفة الثقة للضعيف في إعْلال المرويَّات:
المثال الأول: قال الإمام البرقاني في العلل: " وسُئل - الدارقطني - عن حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة ﵁ قالَ رسولُ الله ﷺ: «فَضَلُ العَالمِ عَلَىَ العَابِدِ سَبْعُونَ دَرَجَةً مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ حُضَر جُوادٍ مِائَةَ عَامٍ» " (١).
فقال - الدارقطني -: يرويه الزهري واختلف عنه فرواه: هشام بن سعد، عن الزهري مرسلًا عن النَّبِيِّ ﷺ. وقال مبشر بن إسماعيل، عن عبدالله بن محرر، عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ﵁، عن النَّبِيِّ ﷺ والمرسل أصح" (٢).
قلتُ: ووجه ذلك أنَّ الحديث مداره على الزهري، رواه عبدالله بن محرر، عن الزهري مرفوعًا، ورواه هشام بن سعد، عن الزهري مرسلًا. وقد رجَّح الدارقطني حديث هشام بن سعد المرسل على مرفوع عبدالله بن محرر وهو ضعيف، فقد قال ابن معين: ليس بثقة وضعفه (٣)، وقال ابن أبى حاتم: سألت أبا زُرعة عن عبدالله بن محرر؟، فقال ضعيف الحديث، وامتنع من قراءة حديثه، وضَرَبْنَا عليه، وقال أبو حاتم: متروك الحديث منكر الحديث، ضعيف الحديث ترك حديثه عبدالله بن المبارك (٤)، أما هشام بن سعد فمختلف فيه
(١) أخرجه ابن عدي: عبدالله بن عدي بن محمد أبو أحمد الجرجاني (ت: ٣٦٥هـ)، الكامل في ضعفاء الرِّجال دار الفكر بيروت، الطبعة الثالثة ١٤٠٩هـ، تحقيق: يحيى مختار غزاوي (ج٣/ص٦٠).
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٩/ص٢٦٧)، برقم (١٧٤٩).
(٣) ابن عدي:، الكامل في ضعفاء الرِّجال، (ج٤ /ص١٣٢).
(٤) ابن أبي حاتم: عبدالرحمن بن أبي حاتم بن محمد بن إدريس، أبي محمد الرَّازي (ت: ٣٢٧هـ) الجرح والتعديل، دار الكتب العلمية، بيروت الطبعة الهندية الأولى سنة ١٣٧١هـ (ج٥/ ١٧٦).
1 / 107