منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

على عبد الباسط مزيد ت. غير معلوم
59

منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

الناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

رقم الإصدار

-

تصانيف

وقد جاء في رواية أخرى تصريحها أيضًا بعدم تكذيب عمر وابنه عبد الله ﵄ ففي رواية: "إنكم لتحدثوني من غير كاذبين ولا مكذِّبين؛ ولكن السمع يخطئ"١، وفي رواية: "رحم الله عمر، ما كذب؛ ولكنه أخطأ، أو نسي"٢. وقد ذكر القرطبي أن عمر وابنه ﵄ لم ينفردا برواية الحديث؛ وإنما رُوي عن عدة من الصحابة، فلا وجه لإنكار هذا الحديث، والأَوْلَى حمله على محمل صحيح. قال القرطبي: "إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان أو على أنه سمع بعضًا ولم يسمع بعضًا -بعيد؛ لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون، وهم جازمون؛ فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل الصحيح، ومن هؤلاء: عمر، وابن عمر، والمغيرة بن شعبة، وقيلة بنت مخرمة"٣. وقد ذكر العلماء عدة أوجه محتملة في الجمع بين هذا الأحاديث التي رواها سيدنا عمر وغيره، والتي روتها السيدة عائشة ﵂. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: وقد جمع كثير من أهل العلم بين حديثي عمر وعائشة بضروب الجمع: - منها: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه إذا أوصى أهله بذلك، وممن قال ذلك: المزي وإبراهيم الحربي وآخرون من الشافعية. وقال أبو الليث السمرقندي: إنه قول عامة أهل العلم، ونقله النووي عن الجمهور، قالوا: وكان معروفًا للقدماء حتى قال طرفة بن العبد: إذا مِتُّ فانعيني بما أنا أهله ... وشُقِّي عليَّ الجيب يابنة مِعبَدِ

١ صحيح مسلم بشرح النووي "٢/ ٥٨٩-٥٩٣". ٢ الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة - للزركشي "ص٧٦، ٧٧". ٣ المفهم "٢/ ٥٨١".

1 / 69