منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

على عبد الباسط مزيد ت. غير معلوم
57

منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر

الناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

رقم الإصدار

-

تصانيف

وكذلك كان علي ﵁ يفعل، فروى الترمذي في سننه عن أسماء بن الحكيم الفزاري قال: سمعت عليًّا يقول: إني كنت رجلًا إذا سمعتُ من رسول الله ﷺ حديثًا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته، فإذا حلف صدقته، وإنه حدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر- قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "ما من رجل يذنب ذنبًا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له" الحديث١. الخامس: ومن مظاهر هذا التشدد أيضًا أن بعضهم حَرَصَ على ألا يأخذ حديثًا منقطعًا لم يسمعه ناقله من رسول الله ﷺ إلا إذا بيَّن إسناده الموصل إلى رسول الله ﷺ، ومثال ذلك حديث مسلم الذي رواه أربعة من الصحابة: عمرو بن السعدي عن حُويطب، عن السائب، عن عمر بن الخطاب: أن رسول الله ﷺ كان يعطي عمر بن الخطاب ﵁ العطاء فيقول عمر: أعطِه يا رسول الله أفقر إليه مني، فقال له رسول الله ﷺ: "خذه فتموَّلْه أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وإلا فلا تُتْبِعهُ نفسَك" ٢. وقال النووي في شرحه للحديث: "وقد جاءت جملة من الأحاديث فيها أربعة صحابيون يروي بعضهم عن بعض، أو أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض"٣. السادس: ومن مظاهر الحيطة التوقف في قبول الحديث وعرضه على القرآن الكريم: مثاله: إنكار السيدة عائشة ﵂ حديث عمر: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"؛ حيث فهم سيدنا عمر ﵁ أن ذلك عام، وأن التعذيب بسبب بكاء الأهل على الميت، فأنكرت عليه ذلك، وقالت: إنما قال النبي ﷺ في يهودية

١ سنن الترمذي "٢/ ٢٥٧، ٢٥٨"، ومسند أحمد "١/ ١٥٤، ١٧٤، ١٧٨". ٢ صحيح مسلم بشرح النووي "٣/ ٨٤، ٨٥". و"مشرف" أي: قائم على عمل بالإشراف، "فلا تتبعه نفسك" أي: لا تحرص عليه. ٣ المصدر السابق.

1 / 67