منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
رقم الإصدار
-
تصانيف
وفي رواية لابن عباس ﵄ قال في تفسير الآية الكريمة: "كان ينطلق من كل حي من العرب عصابة، فيأتون النبي ﷺ فيسألونه عما يريدون من أمر دينهم ويتفقهون في دينهم، ويقولون لنبي الله ﷺ: ما تأمرنا أن نفعله؟ وأخبِرنا ما نقول لعشائرنا ... فيأمرهم نبي الله بطاعة الله وطاعة رسوله، ويبعثهم إلى قومهم بالصلاة والزكاة، وكانوا إذا أتَوا قومهم نادَوا: أن من أسلم فهو منا، وينذرونهم، حتى إن الرجل ليفارق أباه وأمه، وكان رسول الله ﷺ يخبرهم، وينذرهم قومهم، فإذا رجعوا إليهم يدعونهم إلى الإسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة".
ثالثًا: قد كان النبي ﷺ يعتمد على رواية أخبار العدول، وينفذ بمقتضاها بعض الأحكام، وإذا كان رسول الله ﷺ يفعل ذلك فنحن نتأسى به، ونقبل السُّنَّة التي تأتينا عن طريق الرواة العدول، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: ٦] .
روى ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس في سبب نزول هذه الآية قوله: "كان رسول الله ﷺ بعث الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات، وأنه لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا ليتلقوا رسول الله ﷺ وأنه لما حُدِّث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله! إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة، فغضب رسول الله ﷺ غضبًا شديدًا، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه رجل فقال: يا رسول الله! إنا حُدِّثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن يكون رده كتاب جاءه منك بغضب علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله".
ورُوي عن مجاهد وقتادة والضحاك نحو ذلك.
قال ابن أبي حاتم: "لما أخبر الوليد بن أبي معيط النبي ﷺ بامتناع من بعث إليهم مصدقًا فقبل خبره لصدق الوليد وستره عنده، وتغيظ عليهم بذلك
1 / 19