مذكرات شاهد للقرن
محقق
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
مكان النشر
دمشق - سورية
تصانيف
السرير. وكان ذلك على ما أعتقد لحرية ألمسها في جو الفندق تبعد عني وصاية العائلة.
كنت أسارع إلى كل ما يعبر عن استقلالي. والذهاب إلى الفندق كان بالنسبة لي شيئًا من ذلك الاستقلال. أما عمي محمود فكان من ناحية أخرى ينظر إلى ذلك بامتعاض عندما أعود متأخرًا قليلًا في المساء.
وفي الآحاد غالبًا ما أقضي اليوم عند أمي بهيجة التي كانت تصرف في العناية بي. وأذهب أيضًا إلى السينما بفضل الثلاثين فرنكًا التي أتقاضاها شهريًا من المنحة، أما عمي فكان يحتفظ بحصة والدي في ريع كشك (بابا الخضير).
وعند خالتي بهية تعلمت صنع ذلك المغزل من الورق المطلي بالعطوس، والذي كنت أضعه مثلها في أنفي. كانت تتولى بصورة دائمة إدارة مخزن شقيقها (علاوة) المخصص لبيع الفحم، أما شقيقها الآخر صالح فقليلًا ما كنت أراه.
كان يسكن في (شاتودان رومل Chateau d'un Rhumel) ويبعث في نفسي القلق حينما يأتي مرتديًا رداءً كبيرًا من جلد الماعز ظاهره الشعر، كذلك الرداء الذي كان يلبسه سائقو السيارات في بداية عهدها، وعلى عيونهم نظارات كبيرة وقاية لهم من السرعة، فقد كانت السيارات في ذلك العصر تسجل أربعين كيلومترًا في الساعة.
لقد كان هذا اللباس الضمحك يلبسه قديمًا (حما بلا أعقاب) (١) Hamma sansTalons، حينما كان يقود السيارة الوحيدة في تبسة إذ كنا نتبعه مع الأطفال في طرق المدينة.
أضيف الآن شيء جديد إلى قيافتي، فقد وضعت نظارات؛ ذلك لأنه خلال السنوات الأخيرة من المدرسة في تبسة كانت ساعة القراءة التي تمر مرة أومرتين في
_________
(١) أي محمد.
1 / 50