مذكرات شاهد للقرن
محقق
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
مكان النشر
دمشق - سورية
تصانيف
ولا شك أن هذا القسم تتبع خطواتنا في كل هذه الفترة، من أولها إلى آخرها، مقدرًا كل خطوة حسب تسعيرة دفتره الخاص لهذه الحسابات.
ولكنني لم أكن بعد أعلم شيئًا عن هذا الدفتر لأقدر ما أضيف لرصيدي بهذه المناسبة.
وعلى أية حال فقد كان في الحي اللاتيني وفي باريس بل في العالم ما يلهيني عن هذه التقديرات والحمد لله.
لقد بدأ (شرق نصر الدين) يُظْهر في السماء نجم هتلر داعية العنف المطلق، في حين بدأت تشيع على أرصفة باريس لعبة (يويو) بين الأطفال والكبار.
وفي هذه الأثناء وصل غاندي والعنزة مرضعته، عائدين من مؤتمر مائدة مستديرة عقد في شتاء ذلك العام حول مشكلات الهند.
فقرر المهاتما أن يحط عصا الترحال ريثما يلقي بباريس محاضرة أسهمت في تحضيرها جمعيتنا وحضرها خيرة القوم بباريس من السيدات والرجال: أما السيدات فليزددن معرفة بالعنزة المرضعة، وأما الرجال وكانوا من أهل العلم والفن والسياسة فليستمعوا لصوت داعية اللاعنف، وليستخلصوا من المناسبة ما يستخلصون كل حسب هواه أو هوايته أو مصلحته.
وهكذا نرى (دنييل هاليغي) على سبيل المثال، يستخلص منها تلك العبارات التي قدم بها كتابًا لـ (هنري ماسيس) الذي حاز على الشهرة، وكان بعنوان (دفاع عن الغرب)، وكان أولى لهذا الكتاب أن يصدر تحت عنوان (هجوم على الشرق والشرقيين) بسبب مقدمته؛ فقد تولى صاحبها اليهودي تشويه الروح الشرقية أكثر مما تولى صاحب الكتاب تمجيد الروح الغربية.
أما أهل النحت في الصلب والخزف فصوروا ما شاؤوا غاندي قائمًا أو قاعدًا، من تماثيل صغيرة معروضة في واجهات الدكاكين الكبيرة والصغيرة.
1 / 244