ذكريات - علي الطنطاوي
الناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فلما أصبحنا قالوا إن الجيش التركي قد انسحب في ظلام الليل وخرج من دمشق، وإن الشريف فيصل بن الحسين قادم إلى دمشق. وكانت رجّة في البلد وكانت مظاهرات، وما كنا نعرف ما المظاهرات، إنما نعرف «العرضة» في زفة العرس أو في مثلها من المناسبات.
وكنا نهتف في المدرسة كل صباح بالتركية «باديشاهم جوق يشا» ومعناها «يعيش سلطاننا طويلًا»، فسمعنا هتافًا جديدًا ما كان لنا بمثله عهد هو «يعيش الاستقلال العربي». ورأيناه مطبوعًا في أوراق ليُعلَّق على الجدران، لا أدري متى طُبع، ولعلهم طبعوه وحملوه معهم.
ورأينا العلَم الأحمر ذا الهلال والنجم الذي عشنا إلى ذلك اليوم تحته قد نزل، ورأينا في مكانه علمًا جديدًا فيه الألوان الأربعة: الأبيض للأمويين، والأسود للعباسيين، والأخضر للهاشميين، والأحمر ما عدت أدري لمن هو ... فكأنه يقول مع صفي الدين (١):
بِيضٌ صنائعُنا، سُودٌ وقائعُنا ... خضرٌ مرابعُنا، حمرٌ مواضينا
* * *
= يلي حيّ الميدان، ثم اتصل بها العمران فصارت حيًا من أحياء دمشق. وكنت أسمع أن اسمها جاء من زعم العامة أن لقدم النبي ﷺ أثرًا فيها حين قدم الشام في غزوة تبوك، مع أنه لم يجاوز تبوك على الصحيح الثابت في السيرة (مجاهد). (١) صفي الدين الحلّي، وهو من شعراء القرن الثامن (مجاهد).
1 / 67