مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
الناشر
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
مكان النشر
https
تصانيف
أخرج الطَّحاوي هذا الحديث من سبع طرق صِحاح، وفي رواية سعيد بن مَنْصور قالت عائشة: «يا أهلَ العراقِ قدْ عدلتمونا...» الحديث، وقد أخرج العراق: حدَّثنا عن أبي ذرٍّ ﵁ أخرجه مسلم، وقال: حدَّثنا ابن أبي شَيْبَة قال: حدَّثنا إسماعيل بن عليَّة، وحدَّثني زُهَير بن حرب قال: حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يُونُس عن حُمَيْد بن هلال، وحدَّثني زُهَير بن حرب قال: حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يُونُس عن حُمَيْد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا قامَ أحدُكم يصلِّي فإنَّه يسترُه إذا كانَ بينَ مثلِ آخرةِ الرَّحل، فإذا لمْ يكنْ بين يديه مثلُ آخرةِ الرَّحل فإنَّه يقطعُ صلاتَه الحمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ». قلت: يا أبا ذرٍّ، ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر ومن الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي، سألتُ رسول الله ﷺ كما سألتني فقال: «الكلبُ الأسودُ شيطانٌ»، وأخرجه الأربعة أيضًا مطولًا ومختصَرًا، وقيَّد الكلب في روايته بالأسود، وروى ابن ماجَهْ من حديث ابن عبَّاس عن النَّبِيِّ ﷺ قال: «يقطعُ الصَّلاةُ الكلبُ الأسودُ والمرأةُ الحائضُ»، وقيَّد المرأة في روايته بالحائض، قال شيخنا: وهو عند ابن ماجَهْ من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن معقل، وعند الطَّبَرَاني من طريق الحسن أيضًا عن الحكم بن عَمْرو نحوه من غير تقييد، وعند مسلم من طريق أبي هريرة كذلك.
قوله: (فَتَبْدُو ليَ الحَاجَةُ) أي تظهر، وفي «مسند السَّرَّاج»: «فتكون لي الحاجة».
قوله: (فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ) أي أستقبل رسول الله، وذكر في باب الصَّلاة على السَّرير: (فأكرَه أنْ أسنَحَه) وفي باب استقبال الرحل: (فَأكرَهُ أنْ أَسْتَقَبِلَهُ)، والمقصود من ذلك كلِّه واحد، لكن لاختلاف المقامات اختلفت العبارات.
قوله: (فَأُوْذِي) بلفظ المتكلِّم من المضارع، وفاعله الضَّمير فيه، و(النَبِّيَ) بالنَّصب مفعوله، وفي النَّسائي من طريق شُعْبَة عن مَنْصور عن الأسود عن عائشة في هذا الحديث: «فأكرهُ أنْ أقومَ، فأمرَّ بينَ يديهِ».
قوله: (فَأَنْسَلُّ) بالرَّفع عطفًا على (فَأُوْذِي) ومعنى: (فَأَنْسَلُّ) أي أمضي بتأنٍّ وتدريج، وقد ذكرناه مرَّة، وفي رواية الطَّحاوي: «فَأَنْسَلُّ انْسِلَالًا» وكذا في رواية للبخاري.
قال الطَّحاوي دلَّ حديث عائشة على أنَّ مرور بني آدم بين يدي المصلِّي لا يقطع الصَّلاة، وكذلك دلَّ حديث أمِّ سلمة وميمونة بنت الحارث، فأخرج الطَّحاوي حديث أمِّ سلمة عن زينب بنت أبي سلمة عن أمِّ سلمة قالت: «كانَ يفرشُ لي حيالَ مصلَّى رسولِ الله ﷺ، كان يصلِّي وإنِّي حياله»، وأخرجه أحمد في «مسنده» نحوه، غير أنَّ في لفظه: «حيال مسجد رسول الله ﷺ) أي تلقاء وجهه، وأخرج الطَّحاوي أيضًا حديث ميمونة عن عبد الله بن شدَّاد قال: حدَّثتني خالتي ميمونة بنت الحارث قالت: «كانَ فراشي حيالَ مصلَّى رسول اللهِ ﷺ، فربَّما
وَقَعَ ثوبُه عليَّ وهو يصلِّي»، وأخرجه أبو داود ولفظه: «كانَ رسولُ اللهُ ﷺ يصلِّي وأنا حِذاءَه وأنا حائض، وربَّما أصابني ثوبُه إذا سجد، وكان يصلِّي على الخمرةِ». قوله: (مُصَلَّى رَسُوْلِ اللهِ ﷺ -بفتح اللَّام- وهو الموضع الذي كان يصلِّي فيه ﵇ في بيته، وهو مسجده الذي عيَّنه للصلاة فيه، و(الخُمْرَةُ) -بضمِّ الخاء المعجمة- حصير صغير يُعمل من سَعَفِ النَّخل وينسج بالسيور والخيوط، وهي على قدر ما يوضع عليه الوجه والأنف، فإذا كبرت عن ذلك تسمَّى حَصِيرًا. قلت: وفيها خلاف تقدَّم في باب الصَّلاة على الخمرة. انتهى. وقال الطَّحاوي: فقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله ﷺ بما يدلُّ على أنَّ بني آدم لا يقطعون الصَّلاة، وقد جُعل كلُّ مارٍّ بين يدي المصلِّي في حديث ابن عُمَر وأبي سعيد شيطانًا، وأخبر أبو ذرٍّ: أنَّ الكلب الأسود إنَّما يقطع الصَّلاة لأنَّه شيطان، فكانت العلَّة الَّتي جُعلت لقطع الصَّلاة قد جُعلت في بني آدم أيضًا، وقد ثبت عن النَّبِيِّ ﷺ: أنَّهم لا يقطعون الصَّلاة، فدلَّ على أنَّ كلَّ مارٍّ بين يدي المصلِّي مما سوى بني آدم كذلك أيضًا لا يقطع الصَّلاة، والدليل على صحَّة ما ذكرنا: أنَّ ابن عُمَر مع روايته ما ذكرنا عنه قد رُوي عنه قوله من بعده ما حدَّثنا يُونُس قال: حدَّثنا سُفْيان عن الزُّهْري عن سالم قال: قيل لابن عُمَر: إنَّ عبد الله بن عيَّاش بن أبي ربيعة يقول: يقطع الصَّلاة الكلب والحمار، فقال ابن عمر: لا يقطع صلاة المسلم شيء. فقد دلَّ هذا على ثبوت نسخ ما كان سمعه من رسول الله ﷺ، حتَّى صار ما قال به أولى عنده من ذلك. انتهى. قال شيخنا: وتُعقِّب كلام الطَّحاوي بأنَّ النَّسخ لا يُصار إليه إلَّا إذا علم التَّاريخ وتعذَّر الجمع، والتَّاريخ هنا لم يتحقق والجمع (^١) لم يتعذَّر، قال العَيني: لا نسلِّم ذلك؛ لأنَّ مثل ابن عُمَر ﵄ بعدما روي عنه أنَّ المرور يقطع قال: لا يقطع صلاة المسلم شيء، فلو لم يثبت عنده نسخ ذلك لم يقل بما قال من عدم القطع، ومن الدليل على ذلك: أنَّ ابن عياش الذي هو (^٢) أحد رواة القطع روي عنه أنَّه حمله على الكراهة، قال البَيْهَقي: روى سماك عن عكرمة، قيل لابن عياش: أيقطع الصَّلاة المرأةُ والكلبُ والحمارُ؟ فقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] فما يقطع هذا ولكن يكره. وقال الطَّحاوي: وقد رُوي عن نفر من أصحاب رسول الله ﷺ: أنَّ مرور بني آدم وغيرهم بين يدي المصلِّي لا يقطع الصَّلاة، ثمَّ أخرج عن سعيد بن المُسَيَّب بإسناد صحيح: أنَّ عليًا وعثمان قالا: «لا يقطع صلاة المسلم شيء، وادرؤوا ما استطعتم»، وأخرجه أيضًا ابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفه» عن ابن المُسَيَّب عن علي وعُثْمان قالا: «لا يقطعُ الصَّلاةَ شيءٌ، فادرؤوهم عنكم ما استطعتم»، وأخرج الطَّحاوي عن كعب بن عبد الله عن حُذَيفة بن اليمان يقول: «لا يقطع الصَّلاة شيء»، وأخرجه ابن أبي شَيْبَة _________ (^١) والجمع: ليس في الأصل، وإنما أثبتت لاستقامة السياق. (^٢) هو: ليس في الأصل، وإنما أثبتت لاستقامة السياق.
وَقَعَ ثوبُه عليَّ وهو يصلِّي»، وأخرجه أبو داود ولفظه: «كانَ رسولُ اللهُ ﷺ يصلِّي وأنا حِذاءَه وأنا حائض، وربَّما أصابني ثوبُه إذا سجد، وكان يصلِّي على الخمرةِ». قوله: (مُصَلَّى رَسُوْلِ اللهِ ﷺ -بفتح اللَّام- وهو الموضع الذي كان يصلِّي فيه ﵇ في بيته، وهو مسجده الذي عيَّنه للصلاة فيه، و(الخُمْرَةُ) -بضمِّ الخاء المعجمة- حصير صغير يُعمل من سَعَفِ النَّخل وينسج بالسيور والخيوط، وهي على قدر ما يوضع عليه الوجه والأنف، فإذا كبرت عن ذلك تسمَّى حَصِيرًا. قلت: وفيها خلاف تقدَّم في باب الصَّلاة على الخمرة. انتهى. وقال الطَّحاوي: فقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله ﷺ بما يدلُّ على أنَّ بني آدم لا يقطعون الصَّلاة، وقد جُعل كلُّ مارٍّ بين يدي المصلِّي في حديث ابن عُمَر وأبي سعيد شيطانًا، وأخبر أبو ذرٍّ: أنَّ الكلب الأسود إنَّما يقطع الصَّلاة لأنَّه شيطان، فكانت العلَّة الَّتي جُعلت لقطع الصَّلاة قد جُعلت في بني آدم أيضًا، وقد ثبت عن النَّبِيِّ ﷺ: أنَّهم لا يقطعون الصَّلاة، فدلَّ على أنَّ كلَّ مارٍّ بين يدي المصلِّي مما سوى بني آدم كذلك أيضًا لا يقطع الصَّلاة، والدليل على صحَّة ما ذكرنا: أنَّ ابن عُمَر مع روايته ما ذكرنا عنه قد رُوي عنه قوله من بعده ما حدَّثنا يُونُس قال: حدَّثنا سُفْيان عن الزُّهْري عن سالم قال: قيل لابن عُمَر: إنَّ عبد الله بن عيَّاش بن أبي ربيعة يقول: يقطع الصَّلاة الكلب والحمار، فقال ابن عمر: لا يقطع صلاة المسلم شيء. فقد دلَّ هذا على ثبوت نسخ ما كان سمعه من رسول الله ﷺ، حتَّى صار ما قال به أولى عنده من ذلك. انتهى. قال شيخنا: وتُعقِّب كلام الطَّحاوي بأنَّ النَّسخ لا يُصار إليه إلَّا إذا علم التَّاريخ وتعذَّر الجمع، والتَّاريخ هنا لم يتحقق والجمع (^١) لم يتعذَّر، قال العَيني: لا نسلِّم ذلك؛ لأنَّ مثل ابن عُمَر ﵄ بعدما روي عنه أنَّ المرور يقطع قال: لا يقطع صلاة المسلم شيء، فلو لم يثبت عنده نسخ ذلك لم يقل بما قال من عدم القطع، ومن الدليل على ذلك: أنَّ ابن عياش الذي هو (^٢) أحد رواة القطع روي عنه أنَّه حمله على الكراهة، قال البَيْهَقي: روى سماك عن عكرمة، قيل لابن عياش: أيقطع الصَّلاة المرأةُ والكلبُ والحمارُ؟ فقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] فما يقطع هذا ولكن يكره. وقال الطَّحاوي: وقد رُوي عن نفر من أصحاب رسول الله ﷺ: أنَّ مرور بني آدم وغيرهم بين يدي المصلِّي لا يقطع الصَّلاة، ثمَّ أخرج عن سعيد بن المُسَيَّب بإسناد صحيح: أنَّ عليًا وعثمان قالا: «لا يقطع صلاة المسلم شيء، وادرؤوا ما استطعتم»، وأخرجه أيضًا ابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفه» عن ابن المُسَيَّب عن علي وعُثْمان قالا: «لا يقطعُ الصَّلاةَ شيءٌ، فادرؤوهم عنكم ما استطعتم»، وأخرج الطَّحاوي عن كعب بن عبد الله عن حُذَيفة بن اليمان يقول: «لا يقطع الصَّلاة شيء»، وأخرجه ابن أبي شَيْبَة _________ (^١) والجمع: ليس في الأصل، وإنما أثبتت لاستقامة السياق. (^٢) هو: ليس في الأصل، وإنما أثبتت لاستقامة السياق.
1 / 25