المزار (للشهيد الأول)
تأليف
الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي
جميع الحقوق محفوظة لفريق مساحة حرة
[![](../Images/logo4.png)](http://www.masaha.org)
<http://www.masaha.org>
المقدمة:
الحمد لله الذي لا تدركه الأبصار والشواهد، ولا تحويه الأماكن والمشاهد، الذي أكرم عباده بزيارة حرمه واستلام حجر بيته التالد، وأشهدنا آياته في مشاهد أصفيائه وأوليائه سادات القواعد ... في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال ، نبرأ فيها من كل معبود إلا إياه، ولا نرجو فيها خلاه، ولا نؤمل أحدا سواه، ولا نبتغي به بدلا، بل وسيلة إليه بالولاية والمودة في القربى.
وصلوات الله وسلامه على أفضل زوره، وخاتم أنبيائه الذي أسرى به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (ليريه من آياته)، ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، ... لقد رأى من آيات ربه الكبرى .
وعلى بضعته وأول أهل بيته لحوقا به، والمدفونة بجواره فاطمة الزهراء (عليها السلام) وعلى وصيه الذي بلغ فيه رسالات ربه كما أمره «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك ...»
فقال : ألست أولى بكم من أنفسكم ... فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ...
وعلى الأئمة والأوصياء المصطفين المعصومين، حجج الله في العالمين، أعلام الدين والنور المبين، سيما خاتم الوصيين وخليفة الله في الأرضين «المهدي» (عليه السلام) الذي سيظهر باذن الله تعالى ليملأ الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا، ويظهره على الدين كله، فيزوره عيسى (عليه السلام) ويصلي خلفه.
وبعد، فان زيارة أضرحة المؤمنين، والاستيناس بأرواحهم، والسلام عليهم، والتكلم معهم، والاستغفار لهم سنة نبوية؛ وأما الحضور في المشاهد المقدسة وفي بيوت دفن فيها رسول الله وأوصياؤه (صلوات الله عليهم) التي تتعلق بها أطايب النفوس الملكوتية، وتختلف إليها الملائكة الرحمانية، فهو- بعد زور بيت الله الحرام (1)
صفحة ١
عظيم وتعظيم لشعائر الله (1)، وإنه من المودة في القربى التي جعلها الله أجر الرسالة (2) ومن مظاهر الولاية التي أتم الله بها نعمة الهداية، بل هو باب عرفان بذكرى آياته وشعائره وكلماته وتراجمة وحيه، ونظر في أحوال صفوة عباده الذين أورثهم علم كتابه، وجعلهم أئمة يهدون بأمره.
ولا مشاحة أن مسألة بناء قبور الأولياء والصالحين وتشييدها وتعظيمها كانت مألوفة عند الامم السابقة، فهذه كتب التراجم والتاريخ تخبرنا بأن العديد من القبور قد اتخذت أماكن يتبرك بها (3) بل إن القرآن المجيد يحدثنا عن قصة أصحاب الكهف، وأن الذين غلبوا على أمرهم قالوا: «لنتخذن عليهم مسجدا» (4) فاذا كان هذا- عزيزي القارئ- تجليل أصحاب الكهف وغيرهم لأنهم من آيات الله، فتجليل وتعظيم آل النبي (صلوات الله عليهم أجمعين) أولى وأوجب لأنهم أعلام آيات الله، وأنهم الذين اختصوا بالعصمة وبانتمائهم وانتسابهم إليه (صلى الله عليه وآله)، وأن لحمهم لحمه، ودمهم دمه، وحربهم حربه، وسلمهم سلمه، وأنه (صلى الله عليه وآله) يحبهم ويحب من يحبهم، وببغض من يبغضهم، ناهيك عن وجوب مودتهم كما تقدم.
وحري بنا الإشارة هنا إلى لطف من ألطافه تعالى وهو أن شفاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) واستغفاره للمؤمنين أمر لا يقتصر على الحياة الدنيوية التي عاشها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين ظهرانيهم فحسب، بل إنه حكم عام شامل على ما يستفاد من آيات الذكر الحكيم والأخبار التي صرحت بحياة الأنبياء والأوصياء والأولياء وآخرين- في البرزخ، وأنهم يسمعون ويبصرون تماما كما في حياتهم الدنيا، وكذلك على
ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد (عليه السلام) (5) ».
صفحة ٢
وروى السمعاني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن أعرابيا جاء بعد ثلاثة أيام من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرمى بنفسه على القبر الشريف، وحثا من ترابه على رأسه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله فوعينا عنك، وكان فيما أنزله عليك «ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك ...»
وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي إلى ربي.
فنودي من القبر أنه قد غفر لك. (1)
وصفوة القول أن التوسل والخضوع والتواضع أمام العتبات المقدسة التي يضم ثراها نبيا أو معصوما أو وليا من الصالحين هو في حقيقته توسل وخضوع وتواضع للخالق تبارك وتعالى، وليسوا هم إلا وسيلة كالصلاة والصوم وبقية العبادات والطاعات التي يتوسل بها إليه تعالى امتثالا لقوله: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون» (2).
وأن زائرهم حقا لا يأتي إلا بقلب سليم، ولا يسير إلا في قرى قدر الله السير فيها ليالي وأياما آمنين ، إلى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .
فلا يدعو الزائر إلا الله، ولا يذكر إلا عباد الرحمن، فانهم أحياء عند ربهم يرزقون ، ويردون إلى مشاهدهم، ليروا ويسمعوا ويستغفروا لزورهم.
فيقول الزائر: السلام عليك يا نبي الرحمة أتيناك زائرين لنكون عندك ومع الصادقين، ولا يعذبنا الله وأنت فينا، وكان فضل الله عليك عظيما إذ قال: «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم» وقال: «ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما» .
جئناك مستغفرين، وقد سبقنا إخوة يوسف إذ جاءوا أباهم، قالوا:
«يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا» .
فقال: «سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم» .
فيا وجيها عند الله، اشفع لنا عند الله، بحق من باهلت بهم أعداء الله.
صفحة ٣
التعريف بالمؤلف:
هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن الشيخ جمال الدين مكي بن الشيخ شمس الدين محمد بن حامد بن أحمد المطلبي العاملي النباطي الجزيني المعروف ب «الشهيد الأول» و«الشهيد المطلق» وهو أول من اشتهر بهذا اللقلب من فقهاء الإمامية.
ينتهي نسبه من جهة الأم إلى سعد بن معاذ سيد الأوس.
ولد في «جزين» عام 734 ه. واستشهد بدمشق ضحى يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى عام 786 ه (رضوان الله تعالى عليه).
فضله أشهر من أن يذكر، وجهاده ونبله لا ينكر، فقد أغنى التراث وفيه أثر، ومؤلفاته إلى اليوم تشع وتزهر، وكل المسلمين به تفخر.
وقد ذكرنا ترجمته وأقوال العلماء فيه، ومؤلفاته، وقصة شهادته عند تحقيقنا لكتابه الموسوم ب «الأربعين» فنحيل القارئ الكريم إليها حذرا من التكرار.
الكتاب ونسخه وعملنا فيه:
الكتاب الذي بين يديك- عزيزي القارئ- هو كتاب «المزار» من مصنفات الشهيد الأول (ره) وقد وجدنا من خلال تتبعنا وتحقيقنا له أن البعض قد عده من مؤلفات الشيخ المفيد (ره) وتردد بعض آخر بينهما، كما أنه في بعض فهارس مخطوطات المكتبات موجود باسم «المزار» فقط دون أن ينسب لأحد.
قال الشيخ آغا بزرك في الذريعة: 20/ 325 رقم 3226:
«مزار المفيد» للشيخ المفيد (م 413) في زيارة النبي والأئمة (عليهم السلام) أوله:
«يا من جعل الحضور في مشاهد أصفيائه ذريعة إلى الفوز بدرجات ...»
وقال: كذا في «كشف الحجب» (1) وعبر عنه النجاشي بالمزار الصغير ...
ثم ذكر أبواب وفصول كتابنا هذا- مزار الشهيد-.
وقال في ص 296 رقم 3051 من الجزء المذكور:
صفحة ٤
«مراد المريد لمزار الشهيد» ترجمة له، ترجمه الشيخ علي بن الحسين الكربلائي للشاه سلطان حسين الصفوي، رأيت نسخة منه بخط السيد محمد علي حبيب الله الحسيني ... وخطبته «الحمد لله الذي جعل زيارة أوليائه من أقرب القربات ...».
ثم ذكر في ص 322 رقم 3216 ما لفظه: «مزار الشهيد» للشيخ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مكي الشهيد سنة 786، أوله: «الحمد لله الذي جعل زيارة أوليائه من أقرب القربات ...» وقد ترجمه الشيخ علي الكربلائي للشاه سلطان حسين (1105- 1135) وسماه «مراد المريد لمزار الشهيد» كما مر ...
أقول: لقد وقع سهو للقلم، وذلك لأن الشيخ علي الكربلائي قد افتتح ترجمته لمزار الشهيد بخطبة أولها «الحمد لله الذي جعل زيارة أوليائه من أقرب القربات ...»- وهي التي عدها الشيخ الآغا بزرك (ره) خطبة لمزار الشهيد مرة، ولمراد المريد مرة اخرى- ثم شرع بعدها بثلاث صفحات تقريبا في ترجمة المزار، مبتدئا بخطبة الشهيد بقوله: « بسم الله الرحمن الرحيم* خداوندا اى آنكه گردانيد حاضر شدن در مشهدهاى برگزيدگان خود را وسيله رستگارى وفايز شدن بمرتبههاى دوستان خود سؤال مىكنم ...» وهذه هي الترجمة الحرفية لما اعتبره الآغا بزرك (ره) أول مزار المفيد، وقال: كذا في كشف الحجب! فالصحيح أن خطبة «الحمد لله الذي جعل ...» هي مقدمة لترجمة المزار، وخطبة: «يا من جعل الحضور ..» هي المزار.
أما كتاب «مزار المفيد» الذي أوله « الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الأطهار ...» فقد قمنا بتحقيقه ونشره، وأثبتنا صحة نسبته للشيخ المفيد (ره) من خلال أسانيده والكتب الناقلة عنه.
وقد ذكر النجاشي ضمن كتب المفيد: «المزار الصغير» من غير أن يذكر له مزارا آخر حتى يشبه بأن له مزارين أحدهما الصغير، كما أن المفيد (ره) التزم في أول كتابه أن يكون ملخصا ولعله بذلك يسمى صغيرا.
وأما كتابنا هذا «مزار الشهيد» الخالي من الأسانيد، فقد قمنا بمقابلته مع بحار الأنوار- كتاب المزار- فيما نقل من مزار الشهيد من أوله إلى آخره، فوجدناه
صفحة ٥
مطابقا له بأدنى تفاوت علما بأن اللفظ للمفيد على ما ذكر المجلسي.
ثم إن النسخة التي بين يديك- عزيزي القارئ- هي مصورة للنسخة المحفوظة في مكتبة آية الله الصفائي الخوانساري، والتي هي بخط «محمد مؤمن الجربادقاني» وقد فرغ منها عام. 1080 ه.
وكتب في أعلى الورقة الاولى منها وبخط آخر هذه الملاحظة:
«اعلم أن هذا المزار هو ليس من مصنفات رضي الدين بن طاوس صاحب المؤلفات الرفيعة العالية، منها: الاقبال ومصباح الزائر، وما رقم في هذا المقام فليس في محله، بل هو مزار شمس الفقهاء الكاملين محمد بن مكي العاملي المجاهد، الشهيد في سبيل الله، المعروف بالشهيد الأول (قدس الله سره)، لما شرف بالشهادة، كما هو الظاهر من مزار البحار في مواضع منه، قابلناه فوجدناه مطابقا لهذه النسخة من غير تفاوت.
ويظهر ذلك أيضا من مصنفات العلامة النوري خاتمة المحدثين قدست تربته الزكية في أرض الغري.
وحرره الآثم في انسلاخ ربيع الثاني من العام السابع والثلاثين والثلاثمائة بعد الالف من المهاجرة المباركة.
والحمد لله ذي النعمة السابغة الراتبة والصلاة على رسوله الصادع بالرسالة وآله المكرمين اولي الدراية والرواية في الاولى والآخرة».
ويوجد في حواشي النسخة تعليقات وشروحات باللغة الفارسية.
وقد تم مقابلتها على مصورة النسخة المحفوظة في مكتبة آية ا ... المرعشي العامة تحت الرقم 490 باسم المزار للشيخ المفيد! علما بأنه وقع على الصفحة التي قبل الكتاب «كتب السيد آية ا ... المرعشي بخطه باللغة الفارسية ما مضمونه: إن هذا الكتاب هو كتاب مزار الشيخ الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي، ولكن خطبة الكتاب وأوصافه لا تتطابق مع مزار الشهيد، لاحظ الذريعة:
20/ 322 وص 325» وكتب على الورقة الاولى: وقفها المتوكل على الله محمد إبراهيم الحسيني بتاريخ 1262 ه.
صفحة ٦
ومما تجدر الإشارة له ما ذكرناه عند تحقيق كتاب «مزار المفيد» من أننا قد عثرنا على نسخة منه في مكتبة آية ا ... الصفائي الخوانساري وبخطه، علما بأنه ذكر على الورقة الاولى من النسخة ما لفظه:
« بسم الله الرحمن الرحيم* ومن توفيق الله تبارك وتعالى علي إتمام هذه النسخة الشريفة من مؤلفات الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ره) وكان أصل الكتاب بخط والدي العلامة المرحوم (ره) وكان غير تام- عشرين ورقة تقريبا فأتممتها من نسخة كتب العلامة المحدث الحاج الشيخ عباس القمي [فصار] مزارا تاما كاملا والحمد لله رب العالمين* ...».
وبعد تحقيقنا لهذه النسخة وجدنا أن الصفحات السبع الاولى مطابقة لمزار الشهيد- أي إلى زيارة النبي من بعد أو قرب- وبعدها ابتدأ بخط آخر بالبسملة قائلا: وإذا وردت إن شاء الله مدينة النبي (صلى الله عليه وآله) فاغتسل للزيارة ..
ثم ذكر آداب الزيارة والأدعية الخاصة بها.
والملاحظ هنا أن المجلسي (ره) في بحار الأنوار كان قد نقل تفاصيل هذه الزيارة- على ما ذكر- مما ألفه وأورده الشيخ الجليل المفيد، والسيد النقيب ابن طاوس، والشيخ السعيد الشهيد، ومؤلف المزار الكبير وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ثم قال: واللفظ للمفيد (البحار: 100/ 160).
ونحن لم نعثر على هذه الزيارة إلا في مصباح الزائر لابن طاوس، وفي المزار الكبير لابن المشهدي، وكذا الحال بالنسبة إلى باقي الأدعية في نسخة الخوانساري فان بعضها موجود في مزار الشهيد، وبعضها في البحار فقط الناقل عن نسخة- كانت عند المجلسي (ره)- باسم مزار المفيد.
وصفوة القول: إن نسخة الخوانساري هي نسخة ملفقة من مزاري الشهيد والمفيد غير الذي حققناه، مع احتمال وجود مزار آخر للمفيد كانت نسخته عند المجلسي (ره) ولم نعثر عليها، والله العالم، وهو الموفق للصواب.
وأما المؤسسة فقد ارتأت تحقيق هذا المزار ونشره كما هو مخطوط في النسخة المشار إليها سابقا مع توضيح العناوين وإبرازها بالشكل الذي يسهل وصول الداعي
صفحة ٧
والباحث إلى بغيته، كما قمنا بتوضيح بعض الكلمات غير المقروءة، وضبط حركاتها بشكل أدق، وعملنا له فهارسا للمواضيع وللتخريجات وللأماكن ولمصادر التحقيق.
وقد تمت مقابلة الكتاب على نسخة مكتبة آية ا ... المرعشي، وعلى ما اتفق من نسخة الخوانساري، وعلى البحار، واتبعنا طريقة التلفيق بينها لإثبات النص الصحيح مشيرين بحرف «خ» إلى الكلمة أو العبارة التي هي من نسخة اخرى او من البحار، وقد أعرضنا عن ذكر الكلمات المصحفة التي في نسخة الاصل.
وقد اكتفينا بذكر بعض التخريجات خلافا لما دأبت عليه مؤسستنا، ذلك أننا قمنا باستقصاء كل المزارات- وقد تمت بحمده تعالى- وستصدر إن شاء الله في مجلد كبير ضمن موسوعة «جامع الأخبار والآثار عن النبي والأئمة الأطهار (عليهم السلام)».
وختاما اسجل عميق شكري للأخوة المحققين في مؤسستنا لما يبذلوه من جهود مستمرة لإحياء ونشر تراث أهل بيت الوحي والرسالة (صلوات الله عليهم أجمعين)، وأخص بالذكر:
أمجد الحاج عبد الملك الساعاتي، نجم الحاج عبد البدري، أبو منتظر رشنوادي، محمد شيرزاد السماك، الحاج عبد الكريم المسجدي، السيد فلاح الشريفي، وكريم ماهان. جزاهم الله خير الجزاء.
والحمد لله رب العالمين* ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين المظلومين.
المفتاق إلى رحمة ربه السيد محمد باقر نجل آية الله السيد المرتضى الموحد الأبطحي الأصفهاني
صفحة ٨
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم* وبه نستعين اللهم يا من جعل الحضور في مشاهد اصفيائه ذريعة إلى الفوز بدرجات أحبائه نسألك ان تصلي على سيد أنبيائك محمد وآله امنائك وان توفقنا لزيارة ضرائحهم المشرفة كلها وأن تنطق السنتنا بأداء المناسك المأثورة فيها وبعد فهذا المنتخب موضوع لبيان ما ينبغي ان يعمل في المشاهد المقدسة والامكنة المشرفة من الافعال المرغبة والاقوال المروية وهو مشتمل على بابين:
الباب الاول في الزيارات
وهو مرتب على فصول وخاتمة اما الفصول فثمانية
صفحة ٩
الفصل الاول في زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) من بعد او قرب
فإذا أردت زيارته من البعد فمثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه وتكون على غسل ثم قم قائما وأنت متخيل مواجهته (عليه السلام) وقل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنه سيد الأولين والآخرين وأنه سيد الأنبياء والمرسلين اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته الأئمة الطيبين ثم قل:
السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا خليل الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا صفي الله السلام عليك يا رحمة الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا حبيب الله
صفحة ١٠
السلام عليك يا نجيب الله السلام عليك يا خاتم النبيين السلام عليك يا سيد المرسلين السلام عليك يا قائما بالقسط السلام عليك يا فاتح الخير السلام عليك يا معدن الوحي والتنزيل السلام عليك يا مبلغا عن الله السلام عليك أيها السراج المنير السلام عليك يا بشير السلام عليك يا نذير السلام عليك يا منذر السلام عليك يا نور الله الذي يستضاء به السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين الهادين المهديين السلام عليك وعلى جدك عبد المطلب وعلى أبيك عبد الله وعلى أمك آمنة بنت وهب السلام على عمك حمزة سيد الشهداء السلام على عمك العباس بن عبد المطلب السلام على عمك وكفيلك أبي طالب السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا حجة الله على الأولين والآخرين السابق إلى طاعة رب العالمين
صفحة ١١
والمهيمن على رسله والخاتم لأنبيائه الشاهد على خلقه الشفيع إليه والمكين لديه والمطاع في ملكوته الأحمد من الأوصاف المحمد لسائر الأشراف الكريم عند الرب والمكلم من وراء الحجب الفائز بالسباق والفائت عن اللحاق تسليم عارف بحقك معترف بالتقصير في قيامه بواجبك غير منكر ما انتهى إليه من فضلك موقن بالمزيدات من ربك مؤمن بالكتاب المنزل عليك محلل حلالك محرم حرامك أشهد يا رسول الله مع كل شاهد وأتحملها عن كل جاحد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وجاهدت في سبيل ربك وصدعت بأمره واحتملت الأذي في جنبه ودعوت إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة @HAD@ الجميلة وأديت الحق الذي كان عليك وإنك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين فبلغ
صفحة ١٢
الله بك اشرف محل المكرمين وأعلى منازل المقربين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقك لاحق ولا يفوقك فائق ولا يسبقك سابق ولا يطمع في إدراكك طامع والحمد لله الذي استنقذنا بك من الهلكة وهدانا بك من الضلالة ونورنا بك من الظلمة فجزاك الله يا رسول الله أفضل ما جازى نبيا عن أمته ورسولا عمن أرسل إليه بأبي أنت وأمي يا رسول الله زرتك عارفا بحقك مقرا بفضلك مستبصرا بضلالة من خالفك وخالف أهل بيتك عارفا بالهدى الذي أنت عليه بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي وولدي ومالي أنا أصلي عليك كما صلى الله عليك وصلى عليك ملائكته وأنبياؤه ورسله صلاة متتابعة وافرة متواصلة لا انقطاع لها ولا أمد ولا أجل صلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين كما أنتم أهله.
صفحة ١٣
ثم ابسط كفيك وقل اللهم اجعل جوامع صلواتك ونوامي بركاتك وفواضل خيراتك وشرائف تحياتك وتسليماتك وكراماتك ورحماتك وصلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين وأئمتك المنتجبين وعبادك الصالحين وأهل السماوات والأرضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك وشاهدك ونبيك ونذيرك وأمينك ومكينك ونجيك ونجيبك وحبيبك وخليلك وصفيك وصفوتك وخاصتك وخالصتك ورحمتك وخير خيرتك من خلقك نبي الرحمة وخازن المغفرة وقائد الخير والبركة ومنقذ العباد من الهلكة بإذنك وداعيهم إلى دينك القيم بأمرك أول النبيين ميثاقا وآخرهم مبعثا الذي غمسته في بحر
صفحة ١٤
الفضيلة للمنزلة الجليلة والدرجة الرفيعة والمرتبة الخطيرة فأودعته الأصلاب الطاهرة ونقلته منها إلى الأرحام المطهرة لطفا منك وتحننا منك عليه إذ وكلت لصونه وحراسته وحفظه وحياطته من قدرتك عينا عاصمة حجبت بها عنه مدانس العهر ومعايب السفاح حتى رفعت عنه نواظر العباد وأحييت به ميت البلاد بأن كشفت عن نور ولادته ظلم الأستار وألبست حرمك فيه حلل الأنوار اللهم فكما خصصته بشرف هذه المرتبة الكريمة وذخر هذه المنقبة العظيمة صل عليه كما وفى بعهدك وبلغ رسالاتك وقاتل أهل الجحود على توحيدك وقطع رحم الكفر في إعزاز دينك ولبس ثوب البلوى في مجاهدة أعدائك وأوجب له بكل أذى مسه أو كيد أحس به من الفئة التي حاولت قتله فضيلة تفوق الفضائل ويملك بها الجزيل من
صفحة ١٥
نوالك فلقد أسر الحسرة وأخفى الزفرة وتجرع الغصة ولم يتخط ما مثل له من وحيك اللهم صل عليه وعلى أهل بيته صلاة ترضاها لهم وبلغهم منا تحية كثيرة وسلاما وآتنا من لدنك في موالاتهم فضلا وإحسانا ورحمة وغفرانا إنك ذو الفضل العظيم.
ثم صل صلاة الزيارة ركعتين تقرأ فيها ما شئت فإذا فرغت سبح تسبيح الزهراء (عليها السلام) وقل اللهم إنك قلت لنبيك محمد صلواتك عليه وآله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما @HAD@ ولم أحضر زمان رسولك عليه وآله السلام اللهم وقد زرته راغبا تائبا من سيئ عملي ومستغفرا لك من ذنوبي ومقرا لك بها وأنت أعلم بها مني ومتوجها
صفحة ١٦
بنبيك إليك نبي الرحمة صلواتك عليه وآله واجعلني اللهم بمحمد وأهل بيته وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين @HAD@ يا محمد يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا نبي الله يا سيد خلق الله إني أتوجه بك إلى الله ربك وربي ليغفر لي ذنوبي ويتقبل مني عملي ويقضي لي حوائجي فكن لي شفيعا عند ربك وربي فنعم المسئول ربي ونعم الشفيع أنت يا محمد عليك وعلى أهل بيتك السلام اللهم أوجب لي منك المغفرة والرحمة والرزق الواسع الطيب النافع كما أوجبت لمن أتى نبيك محمدا عليه وآله السلام وهو حي فأقر له بذنوبه واستغفر له رسولك (عليه السلام) فغفرت له برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم وقد أملتك ورجوتك وقمت بين يديك ورغبت إليك عمن سواك وقد أملت جزيل ثوابك وإني لمقر
صفحة ١٧
غير منكر وتائب مما اقترفت وعائذ بك في هذا المقام مما قدمت من الأعمال التي تقدمت إلي فيها ونهيتني عنها وأوعدت عليها العقاب وأعوذ بكرم وجهك أن تقيمني مقام الخزي والذل يوم تهتك فيه الأستار وتبدو فيه الأسرار والفضائح الكبار وترعد فيه الفرائص يوم الحسرة والندامة يوم الآفكة يوم الآزفة يوم التغابن يوم الفصل يوم الجزاء يوما كان مقداره خمسين ألف سنة @HAD@ يوم النفخة يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة
أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه يوم تشقق الأرض @HAD@ وأكناف السماء يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها
شيئا ولا هم ينصرون إلا من
صفحة ١٨
رحم الله إنه هو العزيز الرحيم @HAD@ يوم يردون إلى الله مولاهم الحق* يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع
وتكون الجبال كالعهن ولا يسئل حميم حميما @HAD@ يوم الشاهد والمشهود يوم تكون الملائكة صفا صفا اللهم ارحم موقفي في ذلك اليوم ولا تخزني في ذلك اليوم بما جنيت على نفسي واجعل يا رب في ذلك اليوم مع أوليائك منطلقي في زمرة محمد وأهل بيته (عليهم السلام) محشري واجعل حوضه موردي وفي الغر الكرام مصدري وأعطني كتابي بيميني حتى أفوز بحسناتي وتبيض به وجهي وتيسر به حسابي وترجح به ميزاني وأمضي مع الفائزين من عبادك الصالحين إلى رضوانك وجنانك يا إله
صفحة ١٩
العالمين اللهم إني أعوذ بك من أن تفضحني في ذلك اليوم بين يدي الخلائق بجريرتي وأن ألقى الخزي والندامة بخطيئتي وأن تظهر فيه سيئاتي على حسناتي أن تبوء بين الخلائق باسمي يا غني يا كريم العفو العفو العفو الستر الستر اللهم وأعوذ بك من أن يكون في ذلك اليوم في مواقف الخزي ومواقف الأشرار موقفي أو في مقام الأشقياء مقامي وإذا ميزت بين خلقك فسقت كلا بأعمالهم زمرا إلى منازلهم فسقني برحمتك في عبادك الصالحين @HAD@ وفي زمرة أوليائك المتقين إلى جنانك يا رب العالمين
[زيارة فاطمة(ع) عند الروضة]
(1) ثم زر فاطمة (عليها السلام) من عند الروضة وقل السلام على البتولة الطاهرة الصديقة المعصومة البرة التقية سليلة المصطفى وحليلة المرتضى وأم الأئمة النجباء اللهم إنها خرجت من دنياها مظلومة مغشومة
صفحة ٢٠