قالت زكية: أنا لم أرفض الصلاة يا ابنتي. العفريت الشرير الذي ركبني هو الذي رفض الصلاة ولست أنا.
ردت زينب: سوف يغادرك العفريت بإذن الله حين ننفذ ما أمرنا الله به.
سألت زكية: هل حفظت يا ابنتي ما قاله الشيخ؟ جسدي كان يرتعد ولم أحفظ ما قاله. أخشى أن يفوتنا شيء مما قاله.
ردت زينب: لا تحملي هم أي شيء يا عمتي، لقد حفظت كل كلمة وكل حرف عن ظهر قلب.
هتفت زكية: ربنا يبارك فيك يا ابنتي! •••
سكبت زينب ماء النيل النظيف من الزلعة فوق رأسها وصدرها، ودعكت ثدييها بالماء وهي تتشهد «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» ثلاث مرات. هبط الماء فوق بطنها وفخذيها فدعكتهما وهي تتشهد مرة أخرى ثلاث مرات. جففت شعرها الأسود الطويل، وضفرته ، ثم ارتدت الجلباب النظيف والطرحة وسارت بخطوات وجلة نحو الباب.
كان الشفق الأحمر قد ظهر في الأفق ولم يبرز بعد قرص الشمس، فوقفت على عتبة الباب، وجهها ناحية الشمس، وقرأت الفاتحة عشر مرات، سارت نحو الباب الحديدي بخطوات وجلة، لكنها ثابتة واثقة شديدة الثقة. عند الباب أحست فوق جسدها رعدة ليست هي رعدة تردد أو تشكك بقدر ما هي رعدة الإيمان والثقة. حين دخلت من الباب الحديدي أصبح قلبها يدق تحت ضلوعها وصدرها يعلو ويهبط، شفتاها منفرجتان تلهثان، وساقاها ترتعدان تحت الجلباب الواسع الطويل، وعيناها السوداوان واسعتان مرفوعتان، تترقبان حدوث ذلك الأمر الجلل، أمر الله.
اتسعت عينا العمدة الزرقاوان فيما يشبه الدهشة حين رآها؛ عرف على الفور أنها زينب من وجهها وعينها وشفتيها ونهديها وساقيها.
هتف بدهشة وهو يفرك عينيه: من أرسلك يا زينب؟
انفرجت شفتاها وظلت عيناها مرفوعتين وقالت: الله!
صفحة غير معروفة