دُورُ " النَّشْل "
========
دُورُ «النَّشْل»
إِنَّ مَنْ يخْتَارُ صُحْبَةَ القَلَم؛ فَقَدِ اخْتَارَ صُحْبَةَ الأَلَم ٠٠ صَدَقَ أَحَدُ الكُتَّابِ عِنْدَمَا قَال:
«الْكِتَابَةُ محْنَة، وَلَيْسَتْ مِهْنَة»
أَرْضُ الْكِنَانَةِ مُنْجِبَة كَمْ أَنْبَتَتْ مِنْ مَوْهِبَة
لَكِنَّمَا تِلْكَ المَوَاهِبُ وَالْعُقُولُ مُعَذَّبَة
﴿هَذَانِ الْبَيْتَانِ مِنْ تَأْلِيفِي﴾
لَقَدْ تَعَامَلْتُ مَعَ صَاحِبِ دَار، يُقَالُ لَهُ ﴿عَبْدُ ٠٠٠٠ار﴾، صَبَرْتُ عَلَيْهِ صَبْرَ المُعْتَمِدِ عَلَى ابْنِ عَمَّار؛ فَجَزَاني جَزَاءَ سِنِمَّار؛ كُنْتُ أَظُنُّهُ مِنَ الأَخْيَار، وَظَنَنْتُ بِهِ أَنيِّ فَقَدْتُ دِرْهَمًَا فَعَثَرْتُ عَلَى دِينَار؛ فَإِذَا بي كَالمُسْتَغِيثِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّار ٠٠
فَمٌ يُسَبِّحُ وَيَدٌ تُذَبِّح ٠٠!!
ذِئْبٌ تَرَاهُ مُصَلِّيًَا لَمْ يَدْرِ كَمْ هُوَ قَدْ رَكَعْ
يَدْعُو وَكُلُّ دُعَائِهِ مَا لِلْفَرِيسَةِ لاَ تَقَعْ
وَلَسْتُ أَقُولُ مَن هُوَ فَاعْرِفُوهُ وَهَلْ في الأَرْضِ غَيرُ الأَرْضِ أَرْضُ
أَعْطَواْ لأَنْفُسِهمُ الحَقَّ في حَمْلِ رَايَةِ الدِّين، وَتَسَمَّواْ بِأَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين، وَهُمْ في الحَقِيقَةِ عَقَارِبُ وَحَيَّاتٌ وَثَعَابِين، إِذَا رَأَوُاْ الدِّرْهَمَ قَالُواْ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين ٠٠!!
أَلاَ لَيْتَ اللِّحَى كَانَتْ حَشِيشًَا فَتُعْلَفَهَا خيُولُ المُسْلِمِينَا
لَوَ انَّ الدِّينَ كَانَ لحَىً طِوَالًا لَكَانَ التَّيْسُ خَيرَ النَّاسِ دِينَا
﴿الْبَيْتُ الأَوَّلُ لِيَزِيدَ بْنِ المُفَرِّغ، وَالأَخِيرُ لِيَاسِرٍ الحَمَدَاني / الْكَاتِب﴾
ثمَّ خُدِعْتُ في آخَرَ بِشَارِعِ رَمْسِيس؛ غَرَّتْني مِنهُ في الْبِدَايَةِ مُعَامَلَةٌ طَيِّبَةٌ وَتَلْبِيسٌ كَتَلْبِيسِ إِبْلِيس!!
وَلِذَا كَتَبْتُ هَذِهِ الأَبْيَات؛ في هَذِهِ الْعَقَارِبِ وَالحَيَّات:
مَنَحْتُ كِتَابًَا لِدَارِ [ال٠٠ومِ] كَعِقْدٍ وَحَبَّاتُهُ كَالنُّجُومِ
وَأَحْسَنْتُ في صَاحِبِ الدَّارِ ظَنيِّ فَكَانَ مِثَالَ الْكَفِيلِ الظَّلُومِ
ظَنَنْتُ بِأَنَّ فُؤَادِي سَيَخْلُو مِنَ الهَمِّ مَعْهُ فَزَادَتْ هُمُومِي
﴿يَاسِر الحَمَدَاني / الْكَاتِب﴾
فَأَكْثَرُ النَّاشِرِينَ الْعَرَب كَعَصَا مُوسَى في الاِلْتِهَامِ، وَحُوتِ يُونُسَ في الاِلْتِقَامِ ٠٠!!
مِلَّةُ القَوْمِ وَاحِدَة، ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْض؛ بِكُلِّ وَادٍ بَنُو سَعْد، تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ٠٠!!
أُقَلِّبُ طَرْفي لاَ أَرَى غَيْرَ تَاجِرٍ يُفَكِّرُ في أَسْوَاقِهِ كَيْفَ يَكْسَبُ
﴿محْمُود غُنَيْم بِتَصَرُّف﴾
لَمْ أَلْقَ صَاحِبَ دَارِ نَشْرٍ لِلتُّرَاثِ وَغَيْرَ جَائِرْ
فَيَظَلُّ يحْلِفُ لِلْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ في السُّوقِ خَاسِرْ
وَيَظَلُّ يَنْشُرُ فِيهِ قَدْ صَدَقَ الَّذِي سَمَّاهُ نَاشِرْ
﴿يَاسِر الحَمَدَاني / الْكَاتِب﴾
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:
﴿لاَ يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِم﴾ ﴿النِّسَاء/١٤٨﴾
عَنْ مجَاهِدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ في الآيَةِ الأُولى: " هُوَ الرَّجُلُ يَنْزِلُ بِالرَّجُلِ فَلاَ يُحْسِنُ ضِيَافَتَه؛ فَيَخْرُجُ مِن عِنْدِهِ فَيَقُول: أَسَاءَ ضِيَافَتي وَلَمْ يُحْسِن " ٠
[الإِمَامُ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]
وَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ] إِلاَّ مَنْ ظُلِم:
" إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ يَجْهَرُ بِالسُّوء " ٠ [الإِمَامُ الطَّبرِيُّ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَة]
عَن أَبي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال:
" مَطْلُ الْغَنيِّ ظُلْم " ٠ [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ٢٢٨٨ / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ٢٤٠٠ / عَبْد البَاقِي]
عَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ ﵁ عَنِ النَّبيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال:
" لَيُّ الْوَاجِد ٠٠ [أَيْ مَطْلُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ]: يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَه " ٠
[صَحَّحَهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيصِ بِرَقْم: ٧٠٦٥، رَوَاهُ الحَاكِمُ في مُسْتَدْرَكِه]
وَقَالَ تَعَالىَ: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ ﴿الشُّورَى/٤١﴾
وَمِمَّا كَتَبْتُهُ أَيْضًا في تِلْكَ الْفِئَاتِ المُخَادِعَة؛ هَذِهِ الأَبْيَاتُ الأَرْبَعَة:
لَمْ أَلْقَ صَاحِبَ دَارِ نَشْرٍ لِلتُّرَاثِ وَغَيْرَ جَائِرْ
فَيَقُولُ رَغْمَ يَقِينِهِ في رِبحِهِ إِنيِّ مُغَامِرْ
وَيَظَلُّ يحْلِفُ لِلْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ في السُّوقِ خَاسِرْ
وَيَظَلُّ يَنْشُرُ فِيهِ قَدْ صَدَقَ الَّذِي سَمَّاهُ نَاشِرْ
وَتَأْتي هَذِهِ الْقَصِيدَةُ في قِمَّةِ كِتَابَاتي؛ عَن هَذِهِ المُعَانَاةِ:
زَمَنٌ بِهِ فِرَقُ الذُّبَابْ * قَدْ أَصْبَحَتْ فَوْقَ السَّحَابْ
الرُّؤْيَةُ انعَدَمَتْ بِهِ وَبجَوِّهِ كَثُرَ الضَّبَابْ
النَّاسُ تَرْغَبُ في الْقُشُورِ بِهِ وَتَزْهَدُ في اللُّبَابْ
مَا فِيهِ أَرْخَصُ قَطُّ مِنْ دِيوَانِ شِعْرٍ أَوْ كِتَابْ
زَمَنٌ بِهِ أَهْلُ التُّرَاثِ لِفَقْرِهِمْ أَكَلُواْ التُّرَابْ
وَيُوَاجِهُ الأُدَبَاءُ فِيهِ كُلَّ أَنوَاعِ الصِّعَابْ
حَقُّ المُؤَلِّفِ صَارَ بِالإِكْرَاهِ يُغْتَصَبُ اغْتِصَابْ
أَمْسَى فَرِيسَةَ نَاشِرٍ فَظٍّ لَهُ ظُفْرٌ وَنَابْ
زَمَنٌ عَجِيبٌ يَا صَدِيقِي مِنهُ شَعْرُ الرَّأْسِ شَابْ
يَاسِر الحَمَدَاني
1 / 242