علي مرفوعا : «الصراط المستقيم كتاب الله» (1). وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود موقوفا (2).
وهذا معنى حسن ، يظهر فيه سر ارتباط «البقرة» ب «الفاتحة».
وقال الخويي (3): أوائل هذه السورة ، مناسبة لأواخر سورة الفاتحة ، لأن الله تعالى لما ذكر أن الحامدين طلبوا الهدى ، قال : قد أعطيتكم ما طلبتم : هذا الكتاب هدى لكم فاتبعوه ، وقد اهتديتم إلى الصراط المستقيم المطلوب المسؤول.
ثم إنه ذكر في أوائل هذه السورة الطوائف الثلاث الذين ذكرهم في الفاتحة : فذكر الذين على هدى من ربهم ، وهم المنعم عليهم. والذين اشتروا الضلالة بالهدى ، وهم الضالون : والذين باؤوا بغضب من الله ، وهم المغضوب عليهم (4) . انتهى.
أقول : قد ظهر لي بحمد الله وجوه من هذه المناسبات. أحدها : أن القاعدة التي استقر بها القرآن : أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها ، وشرح له ، وإطناب لإيجازه. وقد استقر لي ذلك في غالب سور القرآن ، طويلها وقصيرها. وسورة البقرة ، قد اشتملت على تفصيل جميع مجملات الفاتحة.
فقوله تعالى : ( الحمد لله ) تفصيله : ما وقع فيها من الأمر بالذكر في عدة آيات ، ومن الدعاء في قوله سبحانه : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) [الآية 186]. وفي قوله : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) (286). وبالشكر في قوله :
صفحة ٧٣