لأن «الصراط» مضاف إليهم ، فهم جر للإضافة. وأجريت عليهم «غير» (1) صفة أو بدلا. و «غير» و «مثل» قد تكونان من صفة المعرفة التي بالألف واللام ، نحو قولك ، «إني لأمر بالرجل غيرك وبالرجل مثلك فما يشتمني» ، و «غير» و «مثل» إنما تكونان صفة للنكرة ، ولكنهما قد احتيج إليهما في هذا الموضع فأجريتا صفة لما فيه الألف واللام. والبدل في «غير» أجود من الصفة ، لأن «الذي» و «الذين» لا تفارقهما الألف واللام ، وهما أشبه بالاسم المخصوص من «الرجل» وما أشبهه.
و «الصراط» فيه لغتان ، السين والصاد ، إلا أنا نختار الصاد ، لأن كتابتها على ذلك في جميع القرآن (2).
وقد قال العرب «هم فيها الجماء الغفير» فنصبوا ، كأنهم لم يدخلوا الألف واللام ، وإن كانوا قد أجروهما كما أجروا «مثلك» و «غيرك» كمجرى ما فيه الألف واللام ، وإن لم يكونا في اللفظ. وإنما يكون وصفا للمعرفة التي تجيء في معنى النكرة. ألا ترى أنك إذا قلت : «إني لأمر بالرجل مثلك» إنما تريد «برجل مثلك». لأنك لا تحدد له رجلا بعينه ولا يجوز إذا حددت له ذلك ، إلا أن تجعله بدلا ولا يكون على الصفة. ألا ترى أنه لا يجوز «مررت بزيد مثلك» إلا على البدل. ومثل ذلك : «إني لأمر بالرجل من أهل البصرة» ولو قلت : «إني لأمر بزيد من أهل البصرة» لم يجز إلا أن تجعله في موضع حال. فكذلك ( غير المغضوب عليهم ).
صفحة ٣٤