ماء فتصبح الأرض مخضرة ) [الحج : 63] فالمعنى : «اسمعوا أنزل الله من السماء ماء» فهذا خبر واجب و ( ألم تر ) تنبيه. وقد تنصب الواجب في الشعر. قال الشاعر (1) [من الوافر وهو الشاهد الثاني والأربعون] :
سأترك منزلي لبني تميم
وألحق بالحجاز فأستريحا (2)
وهذا لا يكاد يعرف. وهو في الشعر جائز. وقال طرفة (3) [من الطويل وهو الشاهد الثالث والأربعون] :
لها هضبة لا يدخل الذل وسطها
ويأوي إليها المستجير فيعصما (4)
واعلم أن إظهار ضمير «أن» ، في كل موضع أضمر فيه من الفاء ، لا يجوز ، ألا ترى أنك إذا قلت : «لا تأته فيضربك» ، لم يجز أن تقول : «لا تأته فأن يضربك» وإنما على «أن» فلا يحسن إظهاره ، كما لا يجوز في قولك «عسى أن تفعل» : «عسى الفعل» ولا في قولك : «ما كان ليفعل» : «ما كان لأن يفعل» ، ولا إظهار الاسم الذي في قولك «نعم رجلا» فرب ضمير لا يظهر ، لأن الكلام إنما وضع على أن يضمر ، فإذا ظهر ، كان ذلك على غير ما وضع في اللفظ ، فيدخله اللبس.
وأما قوله تعالى ( فأزلهما الشيطان عنها ) [الآية 36] ، فإنما يعني «الزلل» ، تقول : «زل فلان» و «أزللته» و: «زال فلان» و «أزاله فلان» ، والتضعيف القراءة الجيدة ، وبها نقرأ (5). وقال بعضهم : (فأزالهما) أخذها من «زال».
صفحة ١٥٧