237

موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

تصانيف

الْكُلُّ شِعَارُهُ نَفْسِي نَفْسِي
إِنَّ أَقْسَى مَا مَرَّ بي أَقْسَى هَذِهِ المحَاوَلاَتِ المَرِيرَة؛ صَدْمَتي في الشَّخْصِيَّاتِ الشَّهِيرَة، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ وَقْعُ الصَّدْمَةِ في الْقُلُوب؛ عِنْدَمَا تُصْدَمُ في الإِنْسَانِ المَوْهُوب ٠٠ فَقُولُواْ لي بِاللهِ عَلَيْكُمْ:
عَلَى أَيِّ بَابٍ أَطْلُبُ الإِذْنَ بَعْدَمَا * حُجِبْتُ عَنِ البَابِ الَّذِي أَنَا حَاجِبُه
﴿التُّوتُ الْيَمَانيّ﴾
بِالمِلْحِ نُصْلِحُ مَا نخْشَى تَغَيُّرَهُ * فَكَيْفَ بِالمِلْحِ لَوْ حَلَّتْ بِهِ الغِيرُ
الْوَاحِدُ مِنهُمْ قَدْ يَعْتَذِرُ عَنْ بَعْضِ لِقَاءَاتِ التِّلِيفِزْيُون، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُفَكِّرْ في التَّنوِيهِ بِأَصْدِقَائِهِ رَغْمَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ مَوْهُوبُون؛ أَيْنَ مَا قَرَأْنَاهُ عَنْ شَهَامَةِ الْعَرَب، وَمَا عُرِفُواْ بِهِ مِنَ الإِيثَار ٠٠؟!
أَيْنَ مَا دَرَسْنَاهُ في كُتُبِ الأَدَب؛ عَنِ المُرُوءةِ مِنَ الأَخْبَارِ وَالأَشْعَار ٠٠؟!
يَرْحَمُ اللهُ ذَلِكَ الحَكِيمَ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ صَدِيقَانِ كَانَا لاَ يَفْتَرِقَان؛ فَسَأَلَ رِفَاقَهُ:
مَا بَالُهُمَا كَمُوسَى وَهَارُونَ لاَ يَفْتَرِقَان ٠٠؟!
فَقِيلَ لَهُ: صَدِيقَان؛ فَقَال: " فَمَا بَالي أَرَى أَحَدَهُمَا غَنِيًَّا وَالآخَرَ فَقِيرَا " ٠٠؟!!
يَرحَمُ اللهُ زَمَانًَا؛ كَانَ الأُدَبَاءُ فِيهِ ثَمَرًا بِلاَ شَوْك؛ فَقَدْ أَصْبَحُواْ الْيَوْمَ شَوْكًَا بِلاَ ثَمَر، وَكَانَتْ قُلُوبهُمْ رَقِيقَةً؛ فَصَارَتْ أَقْسَى مِنَ الحَجَر، وَكَانَ شِعَارُهُمْ: لاَ عَاشَ مَن عَاشَ لِنَفْسِهِ فَقَطْ، أَمَّا شِعَارُهُمْ في هَذَا الزَّمَان: نَفْسِي نَفْسِي وَمِنْ بَعْدِيَ الطُّوفَان، فَنيَ الْعَصِيرُ وَبَقِيَ الثَّجِير ٠٠!!
وَكُنَّا نَسْتَطِبُّ إِذَا مَرِضْنَا * فَصَارَ سِقَامُنَا بِيَدِ الطَّبِيبِ
اخْتَفَى سُوقُ الأَدَب، وَطَفَا سُوءُ الأَدَب ٠٠ عَلَى مَنْ تَقْرَأُ مَزَامِيرَكَ يَا دَاوُد ٠٠؟!
غَزَلْتُ لهُمْ غَزْلًا رَقِيقًَا فَلَمْ أَجِدْ * لِغَزْليَ نَسَّاجًَا فَكَسَّرْتُ مِغْزَلي
*
وَلَوْ أَنَّ قَوْمِي أَنْطَقَتْني رِمَاحُهُمْ * نَطَقْتُ وَلَكِنَّ الرِّمَاحَ قِصَارُ
﴿عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِب ٠ بِتَصَرُّف﴾
وَهَكَذَا: فَحِينَمَا ذَهَبْتُ أَتَلَفَّتُ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَال؛ حَتىَّ أَجِدَ أَخًَا أَوْ نِصْفَ أَخٍ يَقِفُ بجَانِبي في محْنَتي - وَالمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيه، وَرُبَّ أَخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّك - لَمْ أَجِدْ ٠٠
وَلَوْ أَنىِّ عَثَرْتُ عَلَى صَدِيقٍ * لأَنْسَتْني الصَّدَاقَةُ بَعْضَ هَمِّي
صَحِبْتُ بمِصْرَ بَعْضَ النَّاسِ جَهْلًا * بِهِ وَنَبَذْتُهُ مِنْ بَعْدِ عِلْمِ
زَعَمْتُ بِأَنَّهُ خِلٌّ وَفىٌّ * فَكَذَّبَتِ اللَّيَالي فِيهِ زَعْمِي
صَدَقَ المُتَنَبيِّ عِنْدَمَا قَال:
شَرُّ البِلاَدِ مَكَانٌ لاَ صَدِيقَ بِهِ * وَشَرُّ مَا يَكْسِبُ الإِنْسَانُ مَا يَصِمُ
وَلِذَا كَتَبْتُ قَائِلًا:
أَيْنَ مَنْ كَانُواْ كِرَامَا * أَيْنَ أَخْلاَقُ الْقُدَامَى
كَمْ رَأَيْنَا في بِلاَدِ النِّيلِ آلاَمًَا جِسَامَا
مِن عَذَابٍ وَصِعَابٍ * كَسَّرَتْ مِنَّا الْعِظَامَا
لَيْسَ يَلْقَى مُبْدِعُوهَا * مِن أُوْلي الأَمْرِ اهْتِمَامَا
كَمْ لَيَالٍ قَدْ سَهِرْنَا * لَمْ نَذُقْ فِيهَا مَنَامَا
لاَ تَلُمْني في كَلاَمِي * أَدْرَكَ الْبَدْرُ التَّمَامَا
إِنَّهَا يَا صَاحِ سَاءتْ * مُسْتَقَرًَّا وَمُقَامَا
يَاسِر الحَمَدَاني

1 / 237