قَصَائِدُ ابْتِهَالِيَّة:
=========
تَبَارَكَ مَنْ لَهُ الحَمْدُ عَلَى الدَّوَام، تَبَارَكَ مَنْ لاَ يَغْفَلُ وَلاَ يَنَام، لَهُ الحَمْدُ في الأُولى وَالآخِرَة، وَلَهُ الحَمدُ دَائِمًَا وَأَبَدَا، سُبْحَانَه سُبحَانَه، لَهُ العِزَّةُ وَالجَبَرُوت، وَلَهُ المُلكُ وَالمَلَكُوت، يحْيى وَيمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لاَ يمُوت، يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، بَدْءً امِنَ الذّرَّاتِ وَحَتىَّ المجَرَّات!!
إِلهِي لَكَ الحَمْدُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ * علَى نِعَمٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لهَا أَهْلاَ
إِذَا زِدْتُّ عِصْيَانًَا تَزِدْني تَفَضُّلاَ * كَأَنيَ بِالعِصْيَانِ أَسْتوْجِبُ الفَضْلاَ
نُسِيءُ إِلَيْهِ وَيحْسِنُ إِلَيْنَا؛ فَمَا قَطَعَ إِحْسَانَهُ وَلاَ نحْنُ اسْتَحْيَيْنَا ٠٠!!
اللهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا؛ حَتى نُرْضِيَكَ كَمَا تُرْضِينَا ٠٠!!
أَنْتَ الَّذِي أَرْشَدْتَني مِنْ بَعْدِ مَا * في الكَوْنِ كُنْتُ أَتِيهُ كَالحَيرَانِ
وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلُوبِ محَبَّةً * حَتىَّ أَحَبَّتْ يَاسِرَ الحَمَدَاني
وَنَشَرْتَ لي في العَالمِينَ محَاسِنًَا * وَسَتَرْتَ عَن أَبْصَارِهِمْ عِصْيَاني
وَاللهِ لَوْ عَلِمُواْ بمَا كَسَبَتْ يَدِي * لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَاني
يَا رَبِّ سَاعِدْني عَلَى نَفْسِي بمَا * تَرْضَى وَسَاعِدْني عَلَى الشَّيْطَانِ
*
إِلهِي لَقَدْ أَحْسَنْتَ رَغْمَ إِسَاءَ تي * إِلَيْكَ فَلَمْ يَنهَضْ بِإِحْسَانِكَ الشُّكْرُ
فَمَنْ كانَ مُعْتَذِرًَا إِلَيْكَ بحُجَّةٍ * فَعُذْرِيَ إِقْرَارِي بأَنْ لَيْسَ لي عُذْرُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدًَا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَرْسَلَهُ اللهُ هَادِيًَا وَمُبَشِّرًَا وَنَذِيرَا، وَدَاعِيًَا إِلى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًَا مُنِيرَا، اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ تَسْلِيمًَا كَثِيرَا ٠٠
أَنْتَ الَّذِي لَمَّا رُفِعْتَ إِلى السَّمَا * بِكَ قَدْ سَمَتْ وَتَزَيَّنَتْ لِلِقَاكَا
أَنْتَ الَّذِي مِنْ نُورِكَ البَدْرُ اكْتَسَى * وَالشَّمْسُ قِنْدِيلٌ أَمَامَ ضِيَاكَا
نَادَيْتَ أَشْجَارًَا أَتَتْكَ مُطِيعَةً * وَشَكَا الْبَعِيرُ إِلَيْكَ حِينَ رَآكَا
وَالمَاءُ فَاضَ بِرَاحَتَيْكَ وَسَبَّحَتْ * صُمُّ الحَصَى للهِ في يُمْنَاكَا
وَالجِذْعُ حَنَّ إِلَيْكَ حِينَ تَرَكْتَهُ * وَعَلَى سِوَاهُ أُوقِفَتْ قَدَمَاكَا
مَاذَا يَقُولُ المَادِحُونَ وَمَا عَسَى * أَنْ يجْمَعَ الكُتَّابُ مِنْ مَعْنَاكَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * مَا اشْتَاقَ مُشْتَاقٌ إِلىَ رُؤْيَاكَا
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محَمَّدٍ عَدَدَ أَورَاقِ الشَّجَر، وَعَدَدَ حَبَّاتِ المَطَر، وَعَدَدَ مَا خَلَقْتَ مِنَ البَشَر ٠٠
ثمَّ أَمَّا بَعْد
وَالشِّعْرُ لَهُ طَرِيقَةٌ يُقْرَأُ وَيُحْفَظُ بِهَا، فَلاَ يُقْرَأُ كَمَا تُقْرَأُ الصُّحُف، وَلاَ يُوزَنُ بِالطَّرِيقَةِ الْعَقِيمَةِ المُتَّبَعَةِ في الجَامِعَات، وَلِذَا قُمْنَا بِإِعْدَادِ وَإِنْشَادِ هَذِهِ الْبَاقَةِ المُخْتَارَةِ بِعِنَايَةٍ مِن عُيُونِ الشِّعْرِ الْعَرَبيّ؛ لِيَكُونَ عَوْنًَا لمحِبيِّ الشِّعْرِ عَلَى تَذَوِّقِهِ وَحِفْظِه ٠
عَن أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ ﵁ عَنِ النَّبيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال:
" إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " ٠
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ٦١٤٥ / فَتْح]
وَعَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ ﵁ قَال: " أَرْدَفَني رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًَا، فَقَالَ ﷺ:
" هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ شَيْء " ٠٠؟
قُلْتُ نَعَمْ؛ قَالَ ﷺ: " هِيهْ " ٠٠ أَيْ أَسْمِعْني، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًَا، فَقَالَ ﷺ: " هِيهْ " ٠٠ ثمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًَا، فَقَالَ ﷺ: " هِيهْ " ٠٠ حَتىَّ أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْت " ٠
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ٢٢٥٥ / عَبْد البَاقِي]
مَتى يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّ الفَتى * بِلاَ أَدَبٍ صُورَةٌ مِن خَشَبْ
فَمَا هُوَ شِعْرٌ وَنَثْرٌ وَلَكِن * هُوَ الرُّوحُ لِلْجِسْمِ وَهْوَ العَصَبْ
يَقُولُ ابْنُ مَنْظُورٍ في لِسَانِ الْعَرَبِ عَنِ الأَدَب: " الأَدَب: الَّذِي يَتَأَدَّبُ بِهِ الأَدِيب؛ وَسُمِّيَ أَدَبًَا لأَنَّهُ يَأْدِبُ النَّاسَ إِلى المحَامِدِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المَقَابِح، وَالأَدَبُ هُوَ الظَّرْفُ وَحُسْنُ التَّنَاوُل "
[ابْنُ مَنْظُورٍ بِاخْتِصَارٍ في " لِسَانِ العَرَب " ص: ٢٠٦/ ١]
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَكْرُمَاتِ أَصَابِعٌ * وَأَشْعَارُنَا في المَكْرُمَاتِ خَوَاتِمُ
وَلَوْلاَ خِلاَلٌ سَنَّهَا الشِّعْرُ مَا دَرَى * بُغَاةُ النَّدَى مِن أَيْنَ تُؤْتَى المَكَارِمُ
وَللهِ دَرُّ محْمُود غُنيم حَيْثُ قَال:
إِذَا لَمْ تَقُمْ لِلشِّعْرِ في الشَّعْبِ دَوْلَةٌ * تَيَقَّنْ بِأَنَّ الشَّعْبَ مَاتَتْ مَشَاعِرُه
وَمَا أَقْبَحَ مَا قَالَهُ الشُّعَرَاءُ فِيمَنْ لاَ يَتَذَوَّقُونَ الشِّعْر:
بَهَائِمُ أَلْهَاهَا قَدِيمًَا شَعِيرُهَا * عَنِ الشِّعْرِ تَسْتَوْفي الغِذَاءَ وَتُرْكَبُ
أَلَمْ تَسْتَنْشِقْ نَسْمَةَ الصَّيْفِ البَارِدَةِ سَاعَةَ الفَجْرِ قَطّ ٠٠؟
هِيَ أَنْفُسُ الشُّعَرَاءِ في غَسَقِ الدُّجَى تَتَنَفَّسُ
وَيَكْفِيكَ عَنْ فَضْلِ الشُّعَرَاءِ أَيْضًَا قَوْلُ ابْنِ حَيُّوس:
تَتَزَلْزَلُ الدُّنيَا إِذَا غَضِبُواْ فَإِنْ * بَلَغُواْ الرِّضَا أَمِنَتْ مِنَ الزِّلْزَالِ
*
وَاعْلَمْ بِأَنَّهُمُ إِذَا لَمْ يُنْصَفُواْ * حَكَمُواْ لأَنْفُسِهِمْ عَلَى الحُكَّامِ
وَجِنَايَةُ الجَاني عَلَيْهِمْ تَنْقَضِي * وَهِجَاؤُهُمْ يَبْقَى مَعَ الأَيَّامِ
*
فَلِلشُّعَرَاءِ أَلْسِنَةٌ حِدَادٌ * عَلَى الأَعْرَاضِ وَطْأَتُهَا ثَقِيلَة
وَمَنْ نَالَتْ صَوَاعِقُهُمْ حِمَاهُ * وَإِنْ كَذَبُواْ فَلَيْسَ لَهُنَّ حِيلَة
فَأَحْسِنْ رِفْدَهُمْ وَاكْسَبْ رِضَاهُمْ * وَعَامِلْهُمْ مُعَامَلَةً جَمِيلَة
*
يَقُولُونَ عَمَّن أَخَذْتَ الْقَرِيضَ * وَمِمَّنْ تَعَلَّمْتَ نَظْمَ الدُّرَرْ
وَأَيْنَ وَكَيْفَ دَرَسْتَ الْعَرُوضَا * وَشِعْرُكَ بَينَ البِلاَدِ اشْتَهَرْ
وَمَا كُنْتَ يَوْمًَا بِصَاحِبِ شِعْرٍ * فَإِنَّا عَرَفْنَاكَ مُنْذُ الصِّغَرْ
فَقُلْتُ أَخَذْتُ الْقَرِيضَ صَبِيًَّا * مِنَ الطَّيرِ في أُغْنِيَاتِ السَّحَرْ
وَمِن عَبَرَاتِ الحَزَانى الثَّكَالى * فَفِي عَبَرَاتِ الحَزَانى عِبَرْ
فَذَا الْكَوْنُ جَامِعَةُ الجَامِعَاتِ * وَذَا الدَّهْرُ أُسْتَاذُ كُلِّ الْبَشَرْ
فَمَن عَاشَ مِن غَيْرِ أَنْ يَسْتَفِيدَ * فَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ أَعْمَى الْبَصَرْ
وَلَقَدْ قُمْنَا بِتَرْتِيبِ هَذَهِ الْقَصَائِدِ الاَبْتِهَالِيَّةِ مَا بَينَ تَضَرُّع، وَاسْتِغْفَار، وَاسْتِغَاثَة ٠٠٠ إِلخ ٠
1 / 199